عليهالسلام في قصّة المهدي وفتحه لمدينة القاطع ، قال : فيبعث المهدي عليهالسلام إلى امرائه بسائر الأمصار بالعدل بين الناس ، وترعى الشاة والذئب في مكان واحد ، وتلعب الصبيان بالحيّات والعقارب لا يضرّهم شيء ، ويبقى الخير ، ويزرع الانسان مدّا يخرج له سبعمائة مدّ ، كما قال الله تعالى : (كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) (١) ، ويذهب الربا والزنا وشرب الخمر والرياء ، وتقبل الناس على العبادة والمشروع ، والديانة والصلاة في
__________________
والبهائم» ، و «لعب الصبيان بالحيّات والعقارب» ، و «رعي الشاة والذئب في مكان واحد» يمكن أن يكون كناية عن كمال العدل والأمنيّة في عهده ، واشتمال أطراف الأرض وجميع نواحيها بهما ، ولا يخاف أحد أحدا من الإنسان والحيوان ، كما يمكن أن يكون المراد منه هو ظاهره فله وجه لطيف ، والله وأولياؤه أعلم بحقائق هذه الامور والإشارات.
ومثل هذا الخبر في أخبار الملاحم ليس بقليل ولا غريب ، فمنها ما في الدرّ المنثور : ج ٦ ص ٥٦ قال : أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والحاكم وصحّحه ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : والّذي نفسي بيده ، لا تقوم الساعة حتّى تكلّم السباع الإنسان ، وحتّى تكلّم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله ، ويخبره فخذه بما أحدث أهله من بعده.
والّذي يهوّن الخطب أنّ هذه الأخبار بدعوى تواترها ، وإن دلّت على وقوع امور وخوارق تخالف الطبيعة إلّا أنّ تفاصيلها لم يثبت تواترها ، فلا توجب علما ولا عملا ، حتّى ما كان منه مرويّا بسند صحيح ، وإن لم يجز ردّه ، فلا يجب الالتزام والاعتقاد به ؛ لأنّه على فرض كون صدوره مقطوعا به غير قطعيّ الدلالة ، مضافا إلى أنّ كون السند بحسب ظاهر الإسناد صحيحا لا يستلزم صحّته الواقعيّة ؛ لاحتمال وقوع الاشتباه في مقام نقل الإسناد ، مثل احتمال وقوع ذلك في المتن ، وحجّية مثل هذا الخبر ، وإن ثبتت في الفروع فيجب العمل به إلّا أنّه في غيرها ممّا يكون المطلوب فيه الاعتقاد والإيمان ، وهذا أمر لا يثبت بما هو ظنّي الدّلالة أو السند ، ولا يجوز التعبّد به في ذلك ، لم تثبت ، فتدبّر.
(١) البقرة : ٢٦١.