ومع ذلك لا حاجة إلى تشريع الشارع اعتباره ووجوب الاعتقاد به ؛ لأنّ الاعتقاد به يتحقّق حينئذ بنفسه.
وأمّا إذا لم يكن الخبر كذلك ، وكان ظنّي الصدور ، أو ظنّيّ الدلالة ، فلا يتأتّى منه القطع بمضمونه ، ولا يجوز للشارع التكليف بالاعتقاد به ، لأنّ معناه : جعل ما هو علّة للظنّ بالذات علّة للقطع ، وإيجاب القطع بأمر هو المظنون بالذات ، وهو محال ، وخارج عن شأن الشارع.
وبالجملة : في التكاليف العمليّة مفاد دليل حجّيّة الخبر فيها إنّما يكون وجوب البناء العملي عليه ، والجري على طبقه عملا ، وهو أمر ممكن يجوز التعبّد به من الشارع ، وأمّا الاعتقاد فلا يجوز فيه ذلك. ولا فرق في ذلك ـ كما أشرنا إليه ـ بين خبر الواحد السالم عن المعارض إذا لم يكن صدوره أو دلالته يقينيّا ، وبين الخبر المبتلى بالمعارض ، سواء عولج تعارضه مع غيره بوجه من الوجوه من الجمع العرفيّ أو الترجيح ببعض المرجّحات أم لا.
ولا يخفى عليك أنّه لا يضرّ اختلاف الأخبار في تفاصيل أمر من الامور بصحّة أصله الثابت بالأحاديث المتواترة أو الآحاد الصحيحة ، حتّى وإن لم يظهر لنا وجه الاختلاف ، ولا وجه علاجه.
ولا يستلزم التعارض العلم بمخالفة أحد المتعارضين مع الواقع مطلقا ، حتّى في غير خصوص المورد الّذي وقع التعارض فيه بينهما حتّى يسقط فيه عن الحجّيّة أيضا ، وذلك لأنّ التعارض في الأخبار يمكن وقوعه لأحد امور :
الأوّل : عدم ضبط بعض الرواة ، واختلاف حالاتهم عند تحمّل