من الشرّ والبدعة أكثر ممّا كان ، ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلّا الأغنياء ، ورأيت المحتاج يعطى على الضحك به ويرحم لغير وجه الله ، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد ، ورأيت الناس يتسافدون كما يتسافد البهائم ، لا ينكر أحد منكرا تخوّفا من الناس ، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله ، ويمنع اليسير في طاعة الله ، ورأيت العقوق قد ظهر واستخفّ بالوالدين وكانا من أسوأ الناس حالا عند الولد ، ويفرح بأن يفتري عليهما ، ورأيت النساء وقد غلبن على الملك ، وغلبن على كلّ أمر ، لا يؤتى إلّا ما لهنّ فيه هوى ، ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه ويدعو على والديه ويفرح بموتهما ، ورأيت الرجل إذا مرّ به يوم ولم يكسب فيه الذنب العظيم من فجور أو بخس مكيال أو ميزان أو غشيان حرام أو شرب مسكر كئيبا حزينا يحسب أنّ ذلك اليوم عليه وضيعة من عمره ، ورأيت السلطان يحتكر الطعام ، ورأيت أموال ذوي القربى تقسّم في الزّور ، ويتقامر بها وتشرب بها الخمور ، ورأيت الخمر يتداوى بها ، ويوصف للمريض ويستشفى بها ، ورأيت الناس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك التديّن به ، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق قائمة ، ورياح أهل الحقّ لا تحرّك ، ورأيت الأذان بالأجر والصلاة بالأجر ، ورأيت المساجد محتشية ممن لا يخاف الله ، مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحقّ ويتواصفون فيها شراب المسكر ، ورأيت السكران يصلّي بالناس وهو لا يعقل ولا يشان بالسكر ، وإذا سكر أكرم واتّقي وخيف وترك ولا يعاقب ويعذر بسكره ، ورأيت من أكل أموال اليتامى يحمد بصلاحه ، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر الله ، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطّمع ، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لأهل