أنّ هذا الاحتمال لو بنينا على الرواية ولم نترك جميعها لضعفها مردود ، وكأنّه مخالف لإجماع المفسّرين ، أو أقوال من يعتدّ به منهم ، ولو كان الاستثناء من حرمة الخروج فالمراد بها نفس الخروج دون سائر المصاديق ، فالمعنى : لا يخرجن إلّا تعدّيا وحراما. قال ابن همام : كما يقال : لا تزن إلّا أن تكون فاسقا ، ولا تشتم امّك إلّا أن تكون قاطع رحم ، ونحو ذلك ، وهو بديع وبليغ جدّا (١).
هذا ما يحتمل بالنظر إلى ألفاظ الآية ، وقد عرفت أنّ الأشهر بين المفسّرين كون الاستثناء راجعا إلى قوله تعالى : و (لا تُخْرِجُوهُنَ).
وأمّا بحسب الروايات ، ففي بعضها : فسّرت «الفاحشة» بأذاها أهل زوجها وسوء خلقها (٢) ، وفي بعضها : فسّرت بالزنا فتخرج فيقام عليها الحدّ (٣) ، وفي رواية سعد بن عبد الله فسّرت بالسحق. ومع الغضّ عمّا قيل في هذه الروايات سندا ، وعدم ترجيح بعضها على بعض من حيث السند ، لا يخفى عليك عدم دلالة غير رواية سعد على حصر المراد من الفاحشة المبيّنة بما فسّرت به ، بل يستفاد منها أنّ المذكور فيها : إمّا من مصاديقها الظاهرة كالزنا ، أو من أدنى مصاديقها ، وعلى هذا لا تعارض بين هذه الروايات ورواية سعد من حيث تفسيرها «الفاحشة المبيّنة» بالسحق.
نعم ، حيث دلّت رواية سعد بن عبد الله على نفي كون المراد بها الزنا ، يقع التعارض بينها وبين ما دلّ على كون الزنا أحد مصاديقها إن لم
__________________
(١) روح المعاني : ج ٢٨ ص ١١٧ ، روائع البيان : ج ٢ ص ٦٠١ واللفظ منه نقلا عن روح المعاني.
(٢) نور الثقلين : ج ٥ ص ٣٥٠ نقلا عن الكافي.
(٣) نفس المصدر نقلا عن الفقيه.