الطفل مفطور عليها ، لا يقصد بها منفعة.
قلت : نعم ، ولكنّ الفرق بينها وبين اللعب واللهو الذي ينزّه عنه الإنسان الكامل أوضح من أن يخفى ، فالأول قد قصد منه مقصدا صحيحا تكوينا ، وبإرادة خالق الإنسان عزوجل ، ودليل على كمال خلقته وتمامية فطرته ، وعدمه دليل على النقصان. نعم ، لا يفهم الطفل غالبا ونوعا ما قصد من رغبته إلى ما نسمّيه مجازا ، ومن غير التفات إلى الحكم والغايات التكوينية لهوا ولعبا ، أمّا الإمام فيفهم ذلك ، شاعر بهذا الغرض الكاشف عن دقائق حكمة الله تعالى وكمال صنعه.
والإشكال والاستبعاد بصدور هذه الأفعال من الإمام الذي أعطاه الله تعالى العلم والحكم صبيّا قريب من قول من قال : (ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) (١) فنفي صدور هذه الأفعال عنهم عليهمالسلام ، لو لم يرجع إلى إثبات نقص فيهم لا يكون كمالا لهم ، ويؤول الأمر إلى تنزيههم من الأفعال العادية التي يستحي الإنسان أن يراه الناس فيها ، وإلى نفي مثل الشهوة والميل الجنسي عنهم ، والحال أن بكلّ ذلك تظهر كمالاتهم الروحية ، ومقاماتهم الشامخة العالية ، ولو راجعنا تواريخ الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام لوجدنا فيها أزيد من ذلك بكثير ، من أظهرها ما وقع بين النبي صلىاللهعليهوآله وسبطيه العزيزين عليه حتّى في حال صلاته وفي سائر الأحوال ، فهو يلاعبهما وهما يلاعبانه ويقول : نعم المطيّة مطيّتكما ، ونعم الراكبان أنتما (٢). ويقول في الحسين عليهالسلام : حزقّة حزقّة ، ترقّ عين بقّة (٣) ، ولم يقل أحد : إنّ هذا لعب
__________________
(١) الفرقان : ٧.
(٢) البحار : ج ٤٣ ص ٢٨٦ نقلا عن المناقب.
(٣) نفس المصدر السابق.