الصبيان ، أو يجب عليه أن يعامل مع والديه وحاضنته وغيرهم خلاف ما هو المألوف عن الصبيان ، بل الأمر على خلاف ذلك ، قد جرت سنّة الله فيهم على ذلك لحكم ومصالح لعلّه يكون منها عدم غلوّ الناس فيهم فيتّخذونهم أربابا من دون الله تعالى أو أبناءه.
الخامس ممّا استشهد به لوضع الحديث ما أشار إليه بقوله : وتضمّن إبقاء العسكري عليهالسلام رمّانة ذهبية تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركّبة عليها للعب ولده ، مع أنّ ذلك عمل مترفي أهل الدنيا ، لا مثلهم عليهمالسلام المعرضين عن الدنيا وزخارفها.
أقول : قال الله تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) (١) ، وقال عزّ اسمه في سليمان : (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ) (٢) ، وإن شئت فراجع سيرة الأنبياء سيّما سيرة سليمان على نبيّنا وآله وعليهالسلام ، فقد كان له قصور ونساء وإماء كثيرة ، حتّى قيل : إنّه كان له ألف امرأة ، وكان يجلس على العرش ، وروي : أنّه كان يخرج إلى مجلسه فتعكف عليه الطير ، ويقوم له الإنس والجنّ حتّى يجلس على سرير (٣) ، وقد روي فيما توسّع له وتوسّع به ما يستعجب منه (٤) ، ومع ذلك لم يقل أحد : إنّ كلّ ذلك عمل مترفي أهل الدنيا ، وخلاف الإعراض عن الدنيا.
وفي الحديث : «ليس الزهد في الدنيا بإضاعة المال ، ولا تحريم
__________________
(١) الأعراف : ٣٢.
(٢) سبأ : ١٣.
(٣) البحار : ج ١٤ ص ٧١.
(٤) راجع البحار : ج ١٤ ص ٨٠.