مضافا إلى أنّ باب الاستعارة واسع ، والمعيار في استحسانه الذوق السليم ، وخفاء القرينة علينا لا يقتضي عدم وجودها بين المتكلّم ومخاطبه ، فلعلّه كان حافيا والتعليل يقتضي دوام الأمر ، فإنّ التشرّف بالواد المقدّس والتكلّم مع الله تعالى يقتضي نزع حبّ غير الله تعالى من القلب ، وأن يكون أبدا ملازما له ، مخلصا محبّته لله.
لا يقال : على هذا يدور الأمر بين رفع اليد عن ظاهر الآية برواية ابن شعيب أو برواية سعد والترجيح بحسب السند مع الاولى ، لأنّه يقال : خبر ابن شعيب معارض لظاهر ما يستفاد من الكتاب ، وهو أنّ الأمر بخلع النعلين كان للتعظيم كما يدلّ عليه خبر ابن شعيب أيضا ، فإنّه قد دلّ على ذلك وإن خصّصه بما إذا كان النعل من جلد حمار ميّت ، ومعارضته للكتاب إنّما يكون لأجل دلالة الخبر على اختصاص التعظيم بما إذا كان النعل من جلد حمار ميّت مع أنّ العرف لا يساعد مع اختصاصه بخصوص هذا المورد ، ويرى تفسيره بالمورد منافيا للاحترام والتعظيم ، فحديث ابن شعيب مردود من جهة دلالته بهذا الاختصاص ونفي البأس عن سائر الموارد ، وأمّا كون المراد من «خلع النعلين» خلع محبّة الأهل فهو تفسير لا ينفي رجحان خلع النعلين ، وإن كانت الآية ليست بصدد بيان هذا الرجحان ، فتأمّل حتّى لا يشتبه عليك الفرق بين التفسيرين بالنسبة إلى ما يستفاد من ظاهر الآية. هذا.
وأمّا قوله : وأيضا قال تعالى ذلك له لمّا أراد بعثته ، فلا معنى لقوله في الخبر : استجهله في نبوّته ، فالأنبياء كانوا لا يعرفون شيئا من الشريعة قبل الوحي إليهم بها ، ثم من أين أنّ صلاة موسى عليهالسلام كانت فيها؟ ومن أين اتّحاد الشرائع في مثله ... الخ.