ففيه : أولا : أنّ كلامه هذا غريب منه ، فإنّه مثل الاجتهاد في مقابل النصّ ، فإنّ الحديث يدلّ على أنّ الأمر بخلع النعلين لم يكن لبيان حكم شرعي ابتدائي كما استظهرنا ذلك من الآية أيضا ، وأنّ موسى كان يصلّي في نعله هذا ، وبعد ذلك يتّجه ما أورد في الحديث على التفسير الذي زعمه الفقهاء ، وردّ الحديث بإنكار ذلك ، والترديد في أنّ صلاة موسى على نبيّنا وآله وعليهالسلام كانت فيها ، وفي اتّحاد الشرائع في مثله بعد دلالة الحديث عليه ، في غير محلّه ومن الهفوات.
السابع من الوجوه التي توهّم أنّها تشهد بوضع حديث سعد : تضمّنه أنّ الله تعالى أوحى إلى موسى أن انزع حبّ أهلك من قلبك إن كان محبّتك لي خالصة ، مع أنّ محبّة الخالق على وجه ومحبّة الخلائق على وجه ، ولا يزاحم الثاني الأول ولا ينقضه ، كيف وقد قال نبينا صلىاللهعليهوآله وهو أكمل الرسل وأفضلهم : حبّب إليّ من دنياكم ثلاث : النساء ... الخبر ، وقال الصادق عليهالسلام من الأخلاق (أخلاق ـ ظ) الأنبياء حبّ النساء ، وقال عليهالسلام : ما أظنّ رجلا يزداد في الإيمان (أو في هذا الأمر) خيرا إلّا ازداد حبّا للنساء. وإنّما المذموم حبّ يوجب مخالفة أمره تعالى ونهيه ، قال عزوجل : (قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ) ... إلى قوله : (أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) الآية ، مع أنّ جعل «نعليك» كناية واستعارة عن حبّ الأهل مجاز يحتاج إلى قرينة ، ولا قرينة ، مع أنّ الأمر بالنزع ، لو كان المراد بالنعلين حبّ الأهل كان للدوام ، وينافيه تعليله : (إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) (١).
أقول : أولا : إنّ توهّم التخالف والتعارض بين مثل حديث سعد
__________________
(١) الأخبار الدخيلة : ج ١ ص ١٠٠.