بررة أعزّاء ، يبرزون بأنفس مختلّة محتاجة ، وهم أهل القناعة والاعتصام ، استنبطوا الدين فوازروه على مجاهدة الأضداد ، خصّهم الله باحتمال الضيم في الدنيا ليشملهم باتساع العزّ في دار القرار ، وجبلهم على خلائق الصبر لتكون لهم العاقبة الحسنى ، وكرامة حسن العقبى.
فاقتبس يا بني نور الصبر على موارد امورك تفز بدرك الصنع في مصادرها ، واستشعر العزّ فيما ينوبك تحظ بما تحمد غبّه إن شاء الله ، وكأنّك يا بني بتأييد نصر الله (و) قد آن ، وتيسير الفلج وعلو الكعب (و) قد حان ، وكأنّك بالرايات الصفر والأعلام البيض تخفق على أثناء أعطافك ما بين الحطيم وزمزم ، وكأنّك بترادف البيعة وتصافي الولاء يتناظم عليك تناظم الدرّ في مثاني العقود ، وتصافق الأكفّ على جنبات الحجر الأسود تلوذ بفنائك من ملأ براهم الله من طهارة الولادة ، ونفاسة التربة ، مقدّسة قلوبهم من دنس النفاق ، مهذّبة أفئدتهم من رجس الشقاق ، ليّنة عرائكهم للدين ، خشنة ضرائبهم عن العدوان ، واضحة بالقبول أوجههم ، نضرة بالفضل عيدانهم ، يدينون بدين الحقّ وأهله ، فإذا اشتدّت أركانهم ، وتقوّمت أعمادهم ، فدّت بمكانفتهم طبقات الامم إلى إمام ، إذ تبعتك في ظلال شجرة دوحة تشعّبت أفنان غصونها على حافّات بحيرة الطبرية ، فعندها يتلألأ صبح الحقّ ، وينجلي ظلام الباطل ، ويقصم الله بك الطغيان ، ويعيد معالم الإيمان ، يظهر بك استقامة الآفاق ، وسلام الرفاق ، يودّ الطفل في المهد لو استطاع إليك نهوضا ، ونواشط الوحش لو تجد نحوك مجازا ، تهتزّ بك أطراف الدنيا بهجة ، وتنشر عليك أغصان العزّ نضرة ، وتستقرّ بواني الحقّ في قرارها ، وتؤوب شوارد الدين إلى أوكارها ، تتهاطل عليك سحائب الظفر ، فتخنق كلّ