المشاهدة ، وأنا أحمد الله ربّي ولي الحمد على ما قيّض من التلاقي ، ورفّه من كربة التنازع والاستشراف عن أحوالها ، متقدّمها ومتأخّرها ، فقلت : بأبي أنت وامّي ، ما زلت أفحص عن أمرك بلدا فبلدا منذ استأثر الله بسيدي أبي محمد عليهالسلام ، فاستغلق عليّ ذلك حتّى منّ الله عليّ بمن أرشدني إليك ودلّني عليك ، والشكر لله على ما أوزعني فيك من كريم اليد والطول ، ثمّ نسب نفسه وأخاه موسى واعتزل بي ناحية ، ثمّ قال : إنّ أبي عليهالسلام عهد إليّ أن لا أوطن من الأرض إلّا أخفاها وأقصاها ، إسرارا لأمري ، وتحصينا لمحلّي لمكايد أهل الضلال والمردة من أحداث الامم الضوالّ ، فنبذني إلى عالية الرمال ، وجبت صرائم الأرض ينظرني الغاية التي عندها يحلّ الأمر ، وينجلي الهلع. وكان عليهالسلام أنبط لي من خزائن الحكم ، وكوامن العلوم ما إن أشعت إليك منه جزءا أغناك عن الجملة.
[واعلم] يا أبا إسحاق أنّه قال عليهالسلام : يا بني ، إنّ الله جلّ ثناؤه لم يكن ليخلي أطباق أرضه وأهل الجدّ في طاعته وعبادته بلا حجّة يستعلي بها ، وإمام يؤتمّ به ، ويقتدى بسبيل سنّته ومنهاج قصده ، وأرجو يا بني أن تكون أحد من أعدّه الله لنشر الحقّ ووطء الباطل ، وإعلاء الدين ، وإطفاء الضلال ، فعليك يا بني بلزوم خوافي الأرض ، وتتّبع أقاصيها ، فإنّ لكلّ وليّ لأولياء الله عزوجل عدوّا مقارعا ، وضدّا منازعا ، افتراضا لمجاهدة أهل النفاق ، وخلاعة اولي الإلحاد والعناد ، فلا يوحشنّك ذلك.
واعلم أنّ قلوب أهل الطاعة والإخلاص نزّع إليك مثل الطير إلى أوكارها ، وهم معشر يطلعون بمخائل الذلّة والاستكانة ، وهم عند الله