بأبي يد طالما جلت فيها ، وتراخى بنا فنون الأحاديث ... إلى أن قال لي : يا أبا إسحاق ، أخبرني عن عظيم ما توخّيت بعد الحجّ؟ قلت : وأبيك ما توخّيت إلّا ما سأستعلمك مكنونه ، قال : سل عمّا شئت ، فإنّي شارح لك ان شاء الله ، قلت : هل تعرف من أخبار آل أبي محمّد الحسن عليهماالسلام شيئا؟ قال لي : وايم الله ، إنّي لأعرف الضوء بجبين محمد وموسى ابني الحسن بن علي عليهمالسلام ، ثم إنّي لرسولهما إليك ، قاصدا لإنبائك أمرهما ، فإن أحببت لقاءهما والاكتحال بالتبرّك بهما فارتحل معي إلى الطائف ، وليكن ذلك في خفية من رجالك واكتتام.
قال إبراهيم : فشخصت معه إلى الطائف أتخلّل رملة فرملة ، حتّى أخذ في بعض مخارج الفلاة ، فبدت لنا خيمة شعر ، قد أشرفت على أكمة رمل تتلألأ تلك البقاع منها تلألؤا ، فبدرني إلى الإذن ، ودخل مسلّما عليهما وأعلمهما بمكاني ، فخرج عليّ أحدهما وهو الأكبر سنّا (م ح م د) ابن الحسن عليهماالسلام ، وهو غلام أمرد ، ناصع اللون ، واضح الجبين ، أبلج الحاجب ، مسنون الخدّين ، أقنى الأنف ، أشمّ ، أروع ، كأنّه غصن بان ، وكأنّ صفحة غرّته كوكب درّي ، بخدّه الأيمن خال كأنّه فتاة مسك على بياض الفضة ، وإذا برأسه وفرة سحماء سبطة تطالع شحمة اذنه ، له سمت ما رأت العيون أقصد منه ، ولا أعرف حسنا وسكينة وحياء.
فلما مثّل لي أسرعت إلى تلقّيه ، فأكببت عليه ألثم كلّ جارحة منه ، فقال لي : مرحبا بك يا أبا إسحاق ، لقد كانت الأيّام تعدني وشك لقائك ، والمعاتب بيني وبينك على تشاحط الدار ، وتراخي المزار ، تتخيّل لي صورتك حتّى كأنّا لم نخل طرفة عين من طيب المحادثة ، وخيال