الحجّ ، فلم أعقل ليلتي حتّى أصبحت ، فأنا مفكّر في أمري ، أرقب الموسم ليلي ونهاري ، فلمّا كان وقت الموسم أصلحت أمري ، وخرجت متوجّها نحو المدينة ، فما زلت كذلك حتّى دخلت يثرب فسألت عن آل أبي محمد عليهالسلام ، فلم أجد له أثرا ، ولا سمعت له خبرا ، فأقمت مفكّرا في أمري حتّى خرجت من المدينة اريد مكة ، فدخلت الجحفة وأقمت بها يوما ، وخرجت منها متوجّها نحو الغدير وهو على أربعة أميال من الجحفة ، فلمّا أن دخلت المسجد صلّيت وعفّرت واجتهدت في الدعاء ، وابتهلت إلى الله لهم ، وخرجت اريد عسفان ، فما زلت كذلك حتّى دخلت مكة فأقمت بها أياما أطوف البيت ، واعتكفت ، فبينا أنا ليلة في الطواف إذا أنا بفتى حسن الوجه ، طيّب الرائحة ، يتبختر في مشيته ، طائف حول البيت ، فحسّ قلبي به ، فقمت نحوه فحككته ، فقال لي : من أين الرجل؟ فقلت : من أهل العراق ، قال : من أيّ العراق؟ قلت : من الأهواز ، فقال لي : تعرف بها الخصيب؟ فقلت : رحمهالله ، دعي فأجاب ، فقال : رحمهالله ، فما كان أطول ليله ، وأكثر تبتّله ، وأغزر دمعته! أفتعرف علي بن إبراهيم بن المازيار؟ فقلت : أنا علي بن إبراهيم ، فقال : حيّاك الله يا أبا الحسن ، ما فعلت بالعلامة التي بينك وبين أبي محمّد الحسن بن علي عليهماالسلام؟ فقلت : معي ، قال : أخرجها ، فأدخلت يدي في جيبي فاستخرجتها ، فلمّا أن رآها لم يتمالك أن تغرغرت عيناه بالدموع ، وبكى منتحبا حتّى بلّ أطماره ، ثم قال : اذن لك الآن يا ابن مازيار ، صر إلى رحلك وكن على أهبة من أمرك ، حتّى إذا لبس الليل جلبابه ، وغمر الناس ظلامه ، سر إلى شعب بني عامر ، فإنّك ستلقاني هناك ، فسرت إلى منزلي ، فلمّا أن أحسست بالوقت