أصلحت رحلي ، وقدمت راحلتي وعكمته شديدا ، وحملت وصرت في متنه ، وأقبلت مجدّا في السير حتّى وردت الشعب ، فإذا أنا بالفتى قائم ينادي : يا أبا الحسن إليّ ، فما زلت نحوه ، فلمّا قربت بدأني بالسلام ، وقال لي : سر بنا يا أخ ، فما زال يحدّثني واحدّثه حتّى تخرّقنا جبال عرفات ، وسرنا إلى جبال منى ، وانفجر الفجر الأوّل ونحن قد توسطنا جبال الطائف ، فلمّا أن كان هناك أمرني بالنزول وقال لي : انزل فصلّ صلاة الليل ، فصلّيت ، وأمرني بالوتر فأوترت ، وكانت فائدة منه ، ثم أمرني بالسجود والتعقيب ، ثم فرغ من صلاته وركب ، وأمرني بالركوب ، وسار وسرت معه حتّى علا ذروة الطائف ، فقال : هل ترى شيئا؟ قلت : نعم ، أرى كثيب رمل عليه بيت شعر يتوقّد البيت نورا ، فلمّا أن رأيته طابت نفسي ، فقال لي : هناك الأمل والرجاء ، ثم قال : سر بنا يا أخ ، فسار وسرت بمسيره إلى أن انحدر من الذروة وسار في أسفله ، فقال : انزل فهاهنا يذلّ كلّ صعب ، ويخضع كلّ جبّار ، ثم قال : خلّ عن زمام الناقة ، قلت : فعلى من أخلفها؟ فقال : حرم القائم عليهالسلام لا يدخله إلّا مؤمن ، ولا يخرج منه إلّا مؤمن ، فخلّيت من زمام راحلتي ، وسار وسرت معه إلى أن دنا من باب الخباء فسبقني بالدخول ، وأمرني أن أقف حتّى يخرج إليّ ، ثم قال لي : ادخل ، هناك السلامة ، فدخلت فإذا أنا به جالس قد اتّشح ببردة واتّزر باخرى ، وقد كسر بردته على عاتقه ، وهو كاقحوانة ارجوان قد تكاثف عليها الندى ، وأصابها ألم الهوى ، وإذا هو كغصن بان أو قضيب ريحان ، سمح سخيّ ، تقيّ نقيّ ، ليس بالطويل الشامخ ، ولا بالقصير اللازق ، بل مربوع القامة ، مدوّر الهامة ، صلت الجبين ، أزجّ الحاجبين ، أقنى الأنف ، سهل الخدّين ، على