خدّه الأيمن خال كأنّه فتات مسك على رضراضة عنبر ، فلمّا أن رأيته بدرته بالسلام ، فردّ عليّ أحسن ما سلّمت عليه ، وشافهني وسألني عن أهل العراق ، فقلت : سيدي ، قد البسوا جلباب الذلّة ، وهم بين القوم أذلاء ، فقال لي : يا ابن المازيار ، لتملكونهم كما ملكوكم وهم يومئذ أذلّاء ، فقلت : سيدي ، لقد بعد الوطن وطال المطلب ، فقال : يا ابن المازيار ، أبي أبو محمد عهد إليّ أن لا اجاور قوما غضب الله عليهم ولعنهم ولهم الخزي في الدنيا والآخرة ولهم عذاب أليم ، وأمرني أن لا أسكن من الجبال إلّا وعرها ، ومن البلاد إلّا عفرها ، والله مولاكم أظهر التقيّة فوكلها بي ، فأنا في التقيّة إلى يوم يؤذن لي فأخرج ، فقلت : يا سيدي ، متى يكون هذا الأمر؟ فقال : إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة ، واجتمع الشمس والقمر ، واستدار بهما الكواكب والنجوم ، فقلت : متى يا ابن رسول الله؟ فقال لي : في سنة كذا وكذا تخرج دابّة الأرض من بين الصفا والمروة ، ومعه عصا موسى وخاتم سليمان ، يسوق الناس إلى المحشر ، قال : فأقمت عنده أياما وأذن لي بالخروج بعد أن استقصيت لنفسي ، وخرجت نحو منزلي ، والله لقد سرت من مكة إلى الكوفة ومعي غلام يخدمني ، فلم أر إلّا خيرا ، وصلىاللهعليهوآلهوسلم تسليما.
وفي دلائل الإمامة : ص ٢٦٩ : وروى أبو عبد الله محمد بن سهل الجلودي ، قال : حدّثني أبو الخير أحمد بن محمد بن جعفر الطائي الكوفي في مسجد أبي إبراهيم موسى بن جعفر ، قال : حدّثنا محمد بن الحسن بن يحيى الحارثي ، قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي ، قال : خرجت في بعض السنين حاجّا ، إذ دخلت المدينة