ما حوله من بناء الجبابرة ، وأحجّ بالناس حجّة الإسلام ، وأجيء إلى يثرب فأهدم الحجرة واخرج من بهما ـ وهما طريّان ـ فآمر بهما تجاه البقيع ، وآمر بخشبتين يصلبان عليهما ، فتورق من تحتهما ، فيفتتن الناس بهما أشدّ من الفتنة الاولى ، فينادي مناد من السماء : يا سماء أبيدي ، ويا أرض خذي ، فيومئذ لا يبقى على وجه الأرض إلّا مؤمن قد أخلص قلبه للإيمان ، قلت : يا سيدي ، ما يكون بعد ذلك؟ قال : الكرّة الكرّة ، الرجعة الرجعة ، ثم تلا هذه الآية : (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً).
أقول : احتمال رجوع هذه الأحاديث إلى حديث واحد ـ وإن لم يتّحد أسنادها وألفاظها ، واختلفت مضامين بعضها مع بعض ، واشتمل بعضها على زيادات ليست في غيره ـ قويّ جدا ، ولا يعتدّ بالقول بتعدّدها لأجل هذه الاختلافات مع ما فيها من الوجوه المشتركة التي يستبعد تعدّد وقوعها ، كما أنّ الحكم بالوضع على الجميع لأجل ذلك ولبعض الزعوم ، ومخالفة بعض مضامينها مع روايات اخرى ، جرأة لا يجتري عليها الحاذق الفطن ، وغاية الأمر أنّه إن ثبت اعتبار الجميع سندا ومتنا يؤخذ بما اتّفق عليه الجميع في اصول الدين إن حصل منه القطع ، وكذا بما يكون في بعضها دون الآخر إن لم يكن بين مضامينها تعارض وتهافت ، وإلّا فيجعل كلّ من المتخالفين في جملة ما يوافقه من الأحاديث ، فما وصل من مضمون كلّ واحد منها إلى حدّ التواتر فهو الحجّة ، وإن ثبت اعتبار بعضها بحيث كان محفوفا بالقرائن القطعية التي ترفعه إلى مرتبة المتواتر في الحجّية فهو الحجّة ، وإن لم يثبت اعتبار كلّها ولا بعضها كذلك ، سواء ثبت اعتبارها بالتعبّد الشرعي الذي هو حجّة في