ذلك من عجزه ، وأنّه لا يقدر أن يفعل الامور بنفسه ، أو يدلّ على نفوذ أمره وبسط يده وكمال قدرته؟ فيا أخي! إذا أنت تسير بهذه الصورة والسليقة في نقد الأخبار لا يسلم حديث ولا تاريخ ـ اللهمّ إلّا القليل منه ـ عن مثل هذه الإيرادات الواهية ، فتعوّذ بالله من ذلك كما نعوذ به منه ، ونعتذر منك إن خرجنا عن مسلك الأدب ، فعفوا غفر الله لنا ولك.
ثم قال : وممّا يوضّح وضع أمثالها أن رؤيته عليهالسلام لم تكن مبتذلة ، فمثل عبد الله بن جعفر الحميري في ذاك الجلال يقول لمحمد بن عثمان سفيره الثاني في الغيبة الصغرى : هل رأيت صاحب هذا الأمر؟ قال : نعم ، وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول : اللهم أنجز لي ما وعدتني ... الخبر ، فكيف في الغيبة الكبرى وقد كان كتب إلى السمري ـ آخر سفرائه ـ : ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامّة ، فلا ظهور إلّا بعد إذن الله تعالى ذكره ، بعد طول الأمد ، وقسوة القلوب ، وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي من شيعتي من يدّعي المشاهدة ، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب مفتر ... الخبر.
أقول : ما نرى في هذه الحكايات ابتذالا لرؤيته عليهالسلام ، وهو عليهالسلام يعرف من يليق برؤيته عليهالسلام ، لصلاحيّة في نفسه ، أو لحكمة ومناسبة تقتضي ذلك ، وأولياؤه والخواص من شيعته مخفيّون في عباد الله تعالى ، يعرفهم الإمام عليهالسلام. والحكايتان المذكورتان (حكاية الأسدي وحكاية ابن أحمد بن خلف) حكايتان عن الغيبة القصرى المعروفة بالصغرى دون الغيبة الطولى المعروفة بالكبرى ، فذكر توقيعه إلى سفيره الأخير هنا خارج عن محلّ البحث.