وروي عن الباقر عليهالسلام ، عن علي بن الحسين عليهماالسلام : « أنّ النّاس كانوا يحضرون المعركة ويدفنون القتلى ، فوجدوا جونا بعد عشرة أيام يفوح منه رائحة المسك والعنبر ، رضوان الله عليه » (١).
قال : وبرز من بعده عمرو بن خالد الصيداوي (٢) وقال للحسين عليهالسلام : يا أبا عبد الله جعلت فداك ، قد هممت بأن ألحق بأصحابي وكرهت أن أتخلّف وأراك وحيداً من أهلك أو قتيلاً.
فقال له الحسين : « تقدّم فإنا لاحقون بك بعد ساعة ».
فتقدّم وقاتل حتّى قتل ، رحمة الله عليه (٣).
قال : وجاء حنظلة بن سعد الشامي (٤) ووقف بين يدي الحسين عليهالسلام يقيه السهام والرماح والسيوف بوجهه ونحره ، وأخذ ينادي : ( يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ * مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ * وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ ) (٥) ، يا قوم لا تقتلوا حسيناً فيسحتكم بعذاب منه وقد خاب من افترى (٦).
ثمّ التفت إليه الحسين عليهالسلام وقال له : « يا ابن سعد رحمك الله ، إنّهم قد استوجبوا العذاب حين ردّوا عليك ما دعوتهم من الحق ونهضوا إليك يشتمونك وأصحابك ، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين » ؟
__________________
(١) ورواه السماوي في إبصار العين : ص ١٠٥ ، والمجلسي في البحار : ٤٥ : ٢٣ عن محمّد بن أبي طالب.
(٢) هذا هو الظاهر ، وفي النسخة : « خالد بن عمر الصيداوي ».
(٣) رواه السيّد في الملهوف : ص ١٦٤ ، وعنه المجلسي في البحار : ٤٥ : ٢٣.
ورواه الخوارزمي في المقتل : ٢ : ٢٤ ، والسماوي في إبصار العين : ص ٦٦.
ورواه مختصراً الطبري في تاريخه : ٥ : ٤٤٦.
(٤) في الإرشاد : ٢ : ١٠٥ وتاريخ الطبري : ٥ : ٤٤٣ : « الشبامي ». وهم بطن من همدان.
(٥) سورة الغافر : ٤٠ : ٣٠ ـ ٣٢.
(٦) اقتباس من سورة طه : ٢٠ : ٦١.