المصرع الخامس عشر
وهو مصرع الرضا عليهالسلام
فضّوا ختم دنّ صهباء الأوصاب ، واترعوا كؤوس الأفئدة من قرقف المصاب ، وامزجوا صرف سلاف البهجة بمعين الاكتئاب ، وادعوا ندماء الإيمان ، وادعوا ندماء الإيمان والأحباب ، واصطبحوا حميّا الالتهاب ، واغتبقوا صرخد النياحة والإنتحاب ، واحتبسوها على أصوات النوائح ، وترجيع رنّات الصوائح ، وعطّروا مفارق المجالس برياحين الأسف ، وزيّنوا مجامع التنافس بأسجاف الكربة واللهف ، واصرفوا عن النفوس البهجة والسرور ، وباعدوا عن القلوب الداني من المسرّة والحبور ، واهجروا عساليج الأبكار ، وجانبوا مضاجع الراحة والقرار ، فقد غال شمس الرفعة كسوف ، وكوّر قمر المنعة خسوف ، ودكّ أطواد الشرف زعزع البلاء ، وفطّر قواعد البيت الأشرف محتوم القضاء ، ونضب غطمطم الفخار ، وغاض قاموس جود ذوي الأقدار ، وسما على العيّوق سكاكها ، وانحطّ تحت أسفل الوهاد أفلاكها ، وأمحلت مرابع الروّاد ، وجفّت بحور الورّاد.
ذهب الفريق فلا كريم يرتجى |
|
منه النوال ولا مليح يُعشق |
أقفر المنزل الأهيل ، فاستوحش الأنيس ، وغدا المخصب محيل ، وتكدّر النفيس ، وصار العزيز ذليل ! وأوحشت معابد التهليل والتقديس.
وقد كنت أبكي والديار أنيسة |
|
وما ظعنت للظاعنين (١) قفول |
فكيف وقد شطّ المزار وروّعت |
|
فريق التداني فرقة ورحيل |
إذا غبتم عن ربع حلة بابل |
|
فلا سحبت للسحب فيه ذيول |
__________________
(١) ظعن ظعناً وظُعوناً : سار وارتحل. ( المعجم الوسيط )