المصرع الثاني
وهو مصرع فاطمة الزهرا صلوات الله عليها
استنهضوا إخواني سبّق الصبابة وأجروها في ميادين المناخ ، وامتطوا كواهل عوامل الكآبة ، واهجروا كواعب الأفراح ، وأطفئوا وهج القلوب المذابة بالدمع السيّاح ، وواسوا كلوم الأفئدة المصابة بمراهم بذل الأرواح ، وتفكّروا فيما زعزع بيت النجابة منا لفادح المتاح ، فقد هزّ عليهم الدهر حرابه وأروى من دمائهم ظوامي الصفاح ، وألقى عليهم الزمان ركابه وأشفى منهم أولاد السفاح ، وترك جسومهم الطاهرة غنائمه ونهابه وأسمى رؤوسهم عوالي الرماح ، وضيّق عليهم فجاج البسيط ورحابه وشتتهم في البطاح ، فأوّل فادح قرعوا بابه ووردوا منه الأتراح ، وأوّل قادح أوتر نحوهم شهابه وناداهم لا براح ، ما جرى على الدرّة المنضّدة في عقود الكمال ، والقدوة المسدّدة من تطرّقات الضلال ، الإنسيّة الحوراء ، أمّ الأئمة النجباء ، فاطمة الزهرا صلوات الله وسلامه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها ، ولله درّ من قال من الميامين الأبدال :
ولقد وقفت على منازل من |
|
أهوى وفيض مدامعي غمر |
وسألتها لو أنّها نطقت |
|
أم كيف ينطق منزل قفر |
يا دار هل لك بالاُولى رحلوا |
|
خبر وهل لمعالم خبر |
أين البدور بدور سعدك يا |
|
مغنى وأين الأنجم الزهر |
أين الكفاة ومن أكفّهم |
|
في النائبات لمعسر يُسر |
أين الربوع المخصبات إذا |
|
عفت السنون وأعوز البشر |
أين الغيوث الهاطلات إذا |
|
بخل السحاب وأفحم القطر |
ذهبوا فما وأبيك بعدهم |
|
للناس تبيان ولا غرّ |