المصرع الأوّل
وهو مصرع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
عباد الله الصالحين ، انظروا بعين المعتبرين ، وعوا بقلوب المتفكرّين ، واصغوا بآذان الموعين ، وتيقّنوا بأفئدة المذعنين ، إنّ الله ربّ العالمين ؛ لمّا تمّت حكمته بإيجاد المخلوقين ، واقتضت مشيئته وجود المعدومين ، جعل لذلك عللاً بالتعيين ، وأسباباً بالتبيين ، وصيّرها كالمادّة له كما صرّحت به البراهين ، إذ قد جاء في الحديث القدسي على لسان جبرائيل الأمين حيث قال ـ وهو أصدق القائلين ـ :
« لمّا أردت إيجاد خلقي وخلق عبادي ، خلقتها بتسعة أشياء : بالحبّ ، والإرادة ، والمشيئة ، والعلم ، والقدرة ، والقضاء ، والقدر ، والأجل ، والكتاب ». وقيل بعشرة وازداد الإذن فيها.
وجعل كلّ واحد من هذه الأسباب علة غائية في وجود الخلق ، وكلّ متقدّم منها علّة لوجود متأخّره ، فيكون الحبّ علة وجود العلل ، وبه وجد الوجود ، ووحّد المعبود ، وبه قامت السماء ، وسطحت الأرض على الماء ، الحبّ هو العقل الكلّي وكلّي العقل ، وهو الأغلوطة الّتي تاه في أودية معرفتها أولو الفضل ، الحبّ نبراس الهداية ، وقسطاس الدراية ، الحبّ لباس القلوب ، وجلاها من درن الشكوك والكروب ، به تداوى الأفئدة المكلومة ، وتفضّ الأسرار المختومة ، وهو الموصل إلى المحبوب ، والمجافى عن الذنوب ، بالحبّ صار جبرئيل أميناً ، وإسرافيل مكيناً ، وعزرائيل قابضاً ، وميكائيل فائضاً ، وبه سكن آدم بحبوحة الجنان ، وبه خدّت خدّيه العينان ، بالحبّ سهلت خزون الطوفان على نوح ، واستعذب الأجاج ولن يبوح ، وبه سار في البحر العجاج على ألواح الساج ، بالحبّ صار