ورهان الجواد.
وذلك لما رأيت جملة الشيعة المؤمنين ، وجمهور الهداة في الدين ؛ مكبّين على إقامة فنون العزاء على مصاب سيد الشهداء والأئمّة الأتقياء السعداء ، غير أنّ أكثر مصنّفيهم من العرب ، وجلّ مؤلفّيهم من ذوي الرتب ؛ قد سلكوا في نظم كتب المراثي نهجاً واضحاً ، ونهجوا مسلكاً ملحوباً لائحاً.
وأمّا علماء العجم وفضلاؤهم من أصحاب القلم ، فتفرّقوا في التصنيف ، واختلفوا في التأليف ، فمنهم من أطال في المراثي إطنابه ، حتّى غدا كتابه مثل ديوان الصبابة ، فألجأه ضيق المأخذ وطول المساحة إلى الركون لكلمات المؤرّخين وخرافات السالفين ، ومنهم من ضيّق رحيب مضماره لشدّة اختصاره ، وكلاهما لم يصب سهمه الغرض ، ولا قام بما إليه نهض.
لكن لمّا كان مطلبهم الأقصى التقرّب لأولئك الكرماء ، والوفود على أرباب العطاء ، صوّبت آراءهم في منهجهم ، وشكرتهم على بذل مهجتهم ، ولكلّ ضيف قرى ، ولكلّ عمل كرى.
فهناك دار في قلبي ، وارتسم بلوح لبّي ؛ جمع كتاب وجيز ، يزرى بعسجد نظمه سبائك الذهب الإبريز ، وأن أسميه ب « مصارع الشهداء ومقاتل السعداء » ، جاعلاً لكلّ معصوم مقتلاً ، مبتدئاً بالنبي المصطفى ، مثنياً بفاطمة الزهرا ، خاتماً بصاحب العصر والزمان ، وخليفة ربّنا الملك الديّان في هذه الأزمان ، ومن الله أسأل التوفيق والهداية إلى واضح الطريق ، وأن يجعله أنفس زاده ليوم الحشر والمعاد ، إنّه كريم منّان ، وشأنه الفضل والإحسان ، وهو حسبي ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصير.
__________________
مسند الشهاب للقضاعي : ١ : ٢٤٤ / ٣٩٠ ، بإسنادهم عن حذيفة.
الغدير : ١١ : ١٥٥ عن أبي داود وابن حبّان من طريق ابن عمر.