قال الباقر عليهالسلام : « وكان ذلك في خاطري ، فلمّا كانت الليلة الّتي وعد فيها قال لي : يا بُني ، آتني بوضوء ».
قال أبو جعفر : « فقمت مسرعاً وأتيته بماء في إناء في الوقت الّذي أمر به ، فلمّا وضعته بين يديه إلتفت إلَيّ وقال : لا أبغي هذا. فقلت : ولِمَ يا أبت ؟ فقال : إنّ فيه
__________________
قال : قلت : جعلت فداك ، شيعتك وشيعة أبيك ضلال ، فألقي إيّاهم وأدعوهم إليك ؟ فقد أخذت علّيّ بالكتمان ؟ فقال : « من آنست منهم رشداً فألق عليه وخذ عليهم بالكتمان ، فإن أذاعوا فهو الذبح ». ـ وأشار بيده إلى حلقه ـ.
قال : فخرجت من عنده فلقيت أبا جعفر ، فقال لي : ما وراك ؟ قال : قلت : الهدى. قال : فحدّثته بالقصة.
قال : ثمّ لقيت المفضل بن عمر وأبا بصير ، قال : فدخلوا عليه وسلّموا وسمعوا كلامه وسألوه ، قال : ثمّ قطعوا عليه.
قال : ثمّ لقينا الناس أفواجاً. قال : فكان كلّ من دخل عليه قطع عليه إلاّ طائفة مثل عمّار وأصحابه ، فبقي عبد الله لا يدخل عليه أحد إلاّ قليلاً من الناس.
قال : فلمّا رأى ذلك وسأل عن حال الناس ، قال : فأخبر أنّ هشام بن سالم صدّ عنه الناس ، قال : فقال هشام : فأقعد لي بالمدينة غير واحد ليضربوني !
ورواه الشيخ المفيد في الإرشاد : ٢ : ٢٢١ في باب ذكر طرف من دلائل أبي الحسن موسى عليهالسلام ، عن جعفر بن محمّد بن قولويه ، عن محمّد بن يعقوب الكليني ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أبي يحيى الواسطي ، عن هشام بن سالم نحوه إلى قوله : « وبقي عبد الله لا يدخل عليه من الناس إلاّ القليل ».
وقال الشيخ المفيد في الإرشاد : ٢ : ٢١٠ في باب ذكر أولاد أبي عبد الله عليهالسلام : فصل ، وكان عبد الله بن جعفر أكبر إخوته بعد إسماعيل ولم تكن منزلته عند أبيه كمنزلة غيره من ولده في الإكرام ، وكان متهماً بالخلاف على أبيه في الإعتقاد ، ويقال : إنّه كان يخالط الحشوية ويميل إلى مذهب المرجئة وادّعى بعد أبيه الإمامة واحتجّ بأنّه أكبر إخوته الباقين ، فاتبعه على قوله جماعة من أصحاب أبي عبد الله عليهالسلام ثمّ رجع أكثرهم بعد ذلك إلى القول بإمامة أخيه موسى عليهالسلام لما تبيّنوا ضعف دعواه وقوّة أمر أبي الحسن عليهالسلام ودلالة حقّه وبراهين إمامته وأقام نفر يسير منهم على أمرهم ودانوا بإمامة عبد الله بن جعفر وهم الطائفة الملقبة بالفطحية ، وإنّما لزمهم اللقب لقولهم بإمامة عبد الله وكان أفطح الرجلين ، ويقال : لقبوا بذلك لأنّ داعيهم إلى إمامة عبد الله كان يقال له : عبد الله بن الأفطح.