حتّى أسقط سبعين قصراً من الزمرّد نثاراً لمقدمه ، ولقد زمّ إبليس وكبّل وألقي في الحصر أربعين يوماً ، ولقد سقطت الأصنام ، وسمعت قريش أصواتاً من داخل الكعبة وقائلاً يقول : « يا قريش ، قد جاءكم البشير النذير معه عمود الأبد والربح الأكبر ، وهو خاتم الأنبياء ».
وكذلك ما ورد في الكتاب المذكور (١) أنّ الملك سيف بن ذي يزن قال لعبد المطلب رضياللهعنه : إنّي أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون أنّه يولد بتهامة غلام بين كتفيه علامة تكون له الإمامة ولولده إلى يوم القيامة ، يموت أبوه وأمّه ويكفله جدّه وعمّه.
وكان مولده صلىاللهعليهوآله ليلة السابع عشر من شهر ربيع الأوّل عام الفيل ، وتوفّي أبوه وهو ابن شهرين ، وماتت أمّه وهو ابن أربع سنين ، ومات عبد المطلب وهو ابن ثمان سنين ، وكفّله عمّه أبوطالب رضياللهعنه.
فيا مدّعي الشرف قصّر خطاك وثقل حملك على مطاك ، ويا أيّها الطالب لسموّ المكانة ، والخاطب لمحجّبات الصيانة ، والراقد على فرش الإفتخار ، والراغب في عناق أبكار الأقدار ، امدد بصرك ، وأحدّ نظرك ، فقد طلعت شمس الأسرار من مطالع العناية ، ولمع نور الأنوار من مشارق الهداية ، وأنّ الحي القيّوم قد فضّل الحضرة المحمّدية ، بأن جعل نورها هو الفيض الأوّل ، وجعل سائر الأنوار تشرق منها وتشعشع عنها ، وجعل لها السبق الأوّل ، ولها السبق على الكلّ والرفعة على الكلّ والإحاطة بالكلّ ، فما أحرى ذلك بقول الناصح والحبيب الصالح حيث قال :
نقّل فؤادك ما استطعت من الهوى |
|
ما الحبّ إلاّ للحبيب الأوّل |
__________________
(١) مشارق أنوار اليقين : لص ٧٤ مع اختلاف في بعض الألفاظ فقط.
ورواه الشيخ الصدوق في كمال الدين وتمام النعمة : ج ١ ص ١٧٦ ح ٣٢ باب ١٣ في خبر سيف بن ذي يزن ، مع إضافات كثيرة.