قد حذا حذوها أناس أعانوا |
|
ذلك الرجس مقتفي الأرجاس |
روي في كتاب العيون عن عبد السلام بن صالح الهروي قال : رفع إلى المأمون أنّ أبي الحسن يقعد مجالس الكلام والنّاس تعلمه ، فأمر محمّد بن عمرو الطوسي صاحب المأمون فطرد الناس عن مجلسه وأحضره ، فلمّا نظر إليه المأمون زجره فاستخفّ به ، فخرج أبو الحسن عليهالسلام من عنده مغضباً وهو يدمدم (١) بشفتيه ويقول : « وحقّ المصطفى والمرتضى وسيّدة النساء لأستنزلهنّ من حول الله عزّ وجلّ بدعائي عليه ما يكون سبباً لطرد كلاب هذه الكورة أياه واستخفافهم به وبخاصته وعامته ».
ثم إنّه عليهالسلام انصرف إلى مركزه واستحضر الميضاة وتوضّأ وصلّى ركعتين [ و ] قنت في الثانية فقال : « اللهمّ يا ذا القدرة الجامعة والرحمة الواسعة » (٢) إلي قوله عليهالسلام : « صلّ على من شرف [ ت ] الصلاة [ بالصلاة ] عليه وانتقم لي ممّن ظلمني واستخفّ بي وطرد الشيعة عن بابي ، وأذقه مرارة الذلّ والهوان كما أذاقنيها ، واجعله طريد الأرجاس وشريد الأنجاس ».
قال أبو الصلت [ عبد السلام بن صالح ] الهروي : فما استتمّ مولاي عليهالسلام دعاءه
__________________
(١) دمدم : أي كلّمه مغضباً.
(٢) في المصدر بعده : « والمنن المتتابعة ، والآلاء المتوالية ، والأيادي الجميلة ، والمواهب الجزيلة ، يا من لا يوصف بتمثيل ، ولا يمثل بنظير ، ولا يغلب بظهير ، يا من خلق فرزق ، وألهم فأنطق ، وابتدع فشرع ، وعلا فارتفع ، وقدر فأحسن ، وصوّر فأتقن ، وأجنح فأبلغ ، وأنعم فأسبغ ، وأعطى فأجزل ، يا من سما في العزّ ففات خواطف الأبصار ، ودنا في اللطف فجاز هواجز الأفكار ، يا من تفرّد بالملك فلا ندّ له في ملكوت سلطانه ، وتوحّد بالكبرياء فلا ضدّ له في جبروت شأنه ، يا من حارت في كبرياء هيبته دقائق لطائف الأوهام ، وحسرت دون إدراك عظمته خطائف أبصار الأنام ، يا عالم خطرات قلوب العارفين وشواهد لحظات أبصار الناظرين ، يا من عنت الوجوه لهيبته ، وخضعت الرقاب لجلالته ، ووجلت القلوب من خيفته ، وارتعدت الفرائص من فرقه ، يا بديء يا بديع ، يا قويّ يا منيع ، يا عليّ يا رفيع ، صلّ على من شرفت الصلاة بالصلاة عليه ».