(١١) قوله عليه السلام : ولأهل بيته حزباً من الجنّ
كنّا قد أسلفنا في الحواشي أنّ الجنّ ليست جمعه الأجنّة ، لأنّ أفعلة إنّما يكون جمع فاعل ، كالوادي والأودية ، وجمع فعال كضماد وأضمدة ، وجمع فعال كفؤاد وأفئدة ، وجمع فعال كلواء وألوية ، وجمع فعيل كعزيز وأعزّة وحبيب وأحبّة ، وجمع فعول كعمود وأعمدة ، ولا يكون جمع فعل.
والجنّ ليس هو اسم ؛ لعدم صحّة إطلاقه على الواحد بل اسم الجمع والواحد جنّي ، والجنّة إسم طائفة الجنّ ، وإطلاق الأجنّة على الجنّ كما هو الذائع الشائع الدائر على الألسن بصحيحة من سبيلين :
الأوّل : أنّها جمع الجنين ، والجنين هو المستور والمستتر ، فعيلاً بمعنى المفعول ، أو بمعنى الفاعل ، ومنه سمّي ما في الرحم جنيناً لاستتاره وكلّ جنّي فهو مستور مستتر ، فيكون كلّ جنّي جنيناً والجنّ أجنّة.
قال ابن الأثير في النهاية : جنّه جنّاً إذا ستره ، ومنه الحديث «جنّ عليه الليل» أي : ستره ، وبه سمّي الجنّ لاستتارهم واختفائهم عن الأبصار ، ومنه سمّي الجنين لاستتاره في بطن اُمّه. (١) انتهى.
وهذا سبيل علّامة زمخشر في أساس البلاغة ، إذ قال : جنّه ستره فاجتنّ واستجنّ بجنّة استقر بها ، واجتنّ الولد في البطن وأجنّته الحامل ، وتقول : كأنّهم الجانّ. (٢)
وكذلك ابن فارس قال في مجمل اللغة : وسمّي الجنّ لأنّها تتّقى ولا ترى. (٣)
وكذلك الفيروزآبادي قال في القاموس : وأجنّ عنه واستجنّ استتر ، والجنين الولد في البطن ، جمع أجنّة ، واجنن كلّ مستور. (٤) انتهى كلامه.
الثاني : أنّها جمع الجانّ ؛ لأنّ فاعلاً يجمع على أفعلة. والجانّ الشيطان على ما في النهاية
__________________
١. نهاية ابن الأثير : ١ / ٣٠٧.
٢. أساس البلاغة : ١٠٢.
٣. مجمل اللغة : ١ / ١٧٥.
٤. القاموس : ٤ / ٢١٠.