يفهمه غيره بأن يكون في الكلام تعريض أو تورية أو ألفاظ مصطلح عليها بين شخصين أو فرقة كالألفاظ العلمية قال القتّال الكلائي :
ولقد وحيت لكم لكيما تفهموا |
|
ولحنت لحنا ليس بالمرتاب |
كان المنافقون يخاطبون النبي صلىاللهعليهوسلم بكلام تواضعوه فيما بينهم ، وكان النبي صلىاللهعليهوسلم يأخذهم بظاهر كلامهم فنبهه الله إليه فكان بعد هذا يعرف المنافقين إذا سمع كلامهم.
(وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ).
تذييل ، فهو لعمومه خطاب لجميع الأمة المقصود منه التعليم وهو مع ذلك كناية عن لازمه وهو الوعيد لأهل الأعمال السيّئة على أعمالهم ، والوعد لأهل الأعمال الصالحة على أعمالهم ، وتنبيه لأهل النفاق بأن الله يوشك أن يفضح نفاقهم كما قال آنفا (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ) [محمد : ٢٩].
واجتلاب المضارع في قوله : (يَعْلَمُ) للدلالة على أن علمه بذلك مستمر.
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ (٣١))
عطف على قوله : (وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ) [محمد : ٣٠]. ومعناه معنى الاحتراس ممّا قد يتوهم السامعون من قوله : (وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ) من الاستغناء عن التكليف.
ووجه هذا الاحتراس أن علم الله يتعلق بأعمال الناس بعد أن تقع ويتعلق بها قبل وقوعها فإنها ستقع ويتعلق بعزم الناس على الاستجابة لدعوة التكاليف قوة وضعفا ، ومن عدم الاستجابة كفرا وعنادا ، فبيّن بهذه الآية أن من حكمة التكاليف أن يظهر أثر علم الله بأحوال الناس وتقدم الحجة عليهم.
ولما قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن الله كتب لكل عبد مقعده من الجنة أو من النار. فقالوا أفلا نتكل على ما كتب لنا؟ قال : اعملوا فكل ميسّر لما خلق له ، وقرأ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) [الليل : ٥ ـ ١٠]».
والبلو : الاختبار وتعرّف حال الشيء. والمراد بالابتلاء الأمر والنهي في التكليف ، فإنه يظهر به المطيع والعاصي والكافر ، وسمي ذلك ابتلاء على وجه المجاز المرسل لأنه يلزمه الابتلاء وإن كان المقصود منه إقامة مصالح الناس ودفع الفساد عنهم لتنظيم أحوال