(ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) من المن والسلوى وفلق البحر وغير ذلك. (الْمُقَدَّسَةَ) المطهرة. (كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) أمركم بدخولها وهي الشام. (وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ) تتراجعوا وتنهزموا خوف العدو. (خاسِرِينَ) في سعيكم. (جَبَّارِينَ) جمع جبار : وهو الرجل الطويل القوي المتكبر.
(قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ) قال لهم رجلان يخافون مخالفة أمر الله ، وهما يوشع وكالب من النقباء الاثني عشر الذين بعثهم موسى عليهالسلام لكشف أحوال الجبابرة. (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا) بالعصمة ، فكتما ما اطلعا عليه من حالهم إلا عن موسى ، بخلاف بقية النقباء ، فأفشوا ، فجبن القوم.
(ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ) باب القرية ، ولا تخشوهم ، فإنهم أجساد بلا قلوب. (فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ) قالا ذلك تيقنا بنصر الله وإنجاز وعده. (قاعِدُونَ) عن القتال. (قالَ) أي موسى حينئذ. (رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي) وإلا (أَخِي) ولا أملك غيرهما ، فأجبرهم على الطاعة. (فَافْرُقْ) فافصل. (فَإِنَّها) أي الأرض المقدسة. (مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ) أن يدخلوها. (يَتِيهُونَ) يتحيرون. (فَلا تَأْسَ) تحزن.
المناسبة :
الواو في قوله : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) واو عطف ، وهو متصل بقوله : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) كأنه قيل : أخذ عليهم الميثاق وذكرهم موسى عليهالسلام نعم الله تعالى ، وأمرهم بمحاربة الجبارين ، فخالفوا في القول في الميثاق ، وخالفوه في محاربة الجبارين.
أي بعد أن أقام الله الدليل على صحة نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم ، وناقش أهل الكتاب في ذلك ، ذكر موقفين من مواقف اليهود يدلان على عنادهم ، أولهما : جحود نعم الله الكثيرة عليهم ، وثانيهما : عصيانهم أوامر موسى بدخول أرض فلسطين ومحاربة الجبارين ، ليكون ذلك مواساة للنبي صلىاللهعليهوسلم وتعريفا له أن صدودهم عن الحق خلق متأصل فيهم.