وكان العباس ممن يحرسه ، فلما نزلت ترك رسول الله صلىاللهعليهوسلم الحرس». وروي «أن أبا طالب كان يبعث مع رسول الله من يحرسه إذا خرج حتى نزل (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فذهب ليبعث معه ، فقال : يا عم ، إن الله حفظني ، لا حاجة لي إلى من تبعث».
وعن أنس رضياللهعنه : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحرسه سعد وحذيفة ، حتى نزلت هذه الآية ، فأخرج رأسه من قبة أدم ، وقال : انصرفوا يا أيها الناس ، فقد عصمني الله من الناس.
وهذه الآية المكية وضعت في سياق تبليغ أهل الكتاب المأمور به في المدينة ، لتدل على تعرض النبي صلىاللهعليهوسلم لإيذائهم ، كما تعرض لإيذاء المشركين ، والله عصمه من الفريقين.
وقيل : نزلت الآية بعد يوم أحد ، بدليل قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) ومعناه : أنه لا يمكنهم مما يريدون إنزاله بك من الهلاك.
وللآية معنى أعم في الواقع وهو : بلّغ أنت والله هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء» كما قال تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [البقرة ٢ / ٢٧٢] وقال : (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ ، وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) [الرعد ١٣ / ٤٠].
ثم كشف القرآن لكل الناس : أهل الكتاب والمسلمين عن حقيقة مهمة جدا هي أن النسبة إلى الدين لا تنفع إلا بالعمل به ، فقال : (قُلْ : يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ) أي قل يا محمد لأهل الكتاب (اليهود والنصارى) : لستم على شيء من الدين يعتد به حتى تقيموا التوراة والإنجيل فيما أمرا به من التوحيد الخالص والعمل الصالح ، ومما فيهما الإيمان بمحمد والأمر باتباعه والإيمان بمبعثه