حواسهم وعقولهم التي بها يدركون الأشياء ويهتدون إلى الحق والصواب ، ولكن الناس هم الظالمون أنفسهم وحدها دون غيرها ؛ لأنهم يعرّضونها لعقاب الكفر والتكذيب والمعاصي ، بتعطيلهم نعمة العقل ، وتنكرهم لهداية الدين. وهذا وعيد للمكذبين ، فإن عذابهم يوم القيامة عدل وحق لا ظلم فيه.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ جميع الكفار ومنهم أهل مكة في الماضي : منهم من يؤمن بالقرآن باطنا ، لكنه يتعمد إظهار التكذيب ، ومنهم من لا يؤمن به أصلا. ومنهم من يؤمن به في المستقبل بأن يتوب عن الكفر ويؤمن ، ومنهم من يصر على الجحود ويستمر على الكفر ، والله تعالى عليم بالجميع.
٢ ـ كل إنسان مسئول عن نفسه وسيلقى جزاءه إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، فلا يؤاخذ أحد بذنب الآخر.
٣ ـ إن الحواس من سمع وبصر لها هدفان : هدف ظاهري وهو سماع المسموعات ورؤية المبصرات ، لتكون الحياة بوجه سليم وهدف حقيقي : وهو استخدامها في تدبر المسموع وفهمه وتعقله ، وإنعام النظر وإدراك البصيرة في أمور الدين والأخلاق ، للتوصل إلى نعمة الإيمان والهداية والحق ، والتخلص من ظلمة الكفر والضلال والباطل.
٤ ـ الرسول صلىاللهعليهوسلم مجرد مبلّغ ومنذر ومبشر ، فلا يقدر على غرس الإيمان في القلوب ، وزرع الهداية في النفوس ، وما على العقلاء إلا الاستجابة لبلاغاته ، والاستماع لمواعظه ؛ ولأنه كما لا يقدر على إسماع من سلب السمع ، وإبصار من حرم البصر ، فلا يقدر أن يوفق هؤلاء للإيمان إذا أصروا على الكفر.