(قَوْمِهِ) عائد إلى بني إسرائيل قوم موسى ، لأن الضمير يعود إلى أقرب المذكورين. وهذا قول مجاهد.
وقيل : الضمير في (قَوْمِهِ) لفرعون ، والذّرّية : مؤمن آل فرعون ، وآسية امرأته ، وخازنه ، وامرأة خازنه ، وماشطته. وهذا قول ابن عباس.
وضمير (مَلَائِهِمْ) يعود إلى فرعون بمعنى آل فرعون ، أو على ما هو المعتاد في ضمير العظماء.
والذّرّية : أولاد الذين أرسل إليهم موسى.
(وَقالَ مُوسى : يا قَوْمِ ، إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ ..) أي وقال موسى لمن آمن من قومه وقد رأى خوفهم من الاضطهاد والتّعذيب : إن كنتم آمنتم أي صدّقتم بالله وبآياته حقّ الإيمان ، فعليه توكّلوا واعتمدوا ، وبه ثقوا ، واطمئنوا لوعده ، إن كنتم مسلمين أي إن كنتم مستسلمين لقضاء الله ، مذعنين مخلصين له ؛ إذ لا يكون الإيمان كاملا إلا إذا صدّقه العمل وهو الإسلام ، فالمعلّق بالإيمان وجوب التّوكل ، فإنه المقتضي له ، ثم شرط في التّوكل الإسلام : وهو أن يسلموا نفوسهم لله بأن يجعلوها له سالمة خالصة ، لا حظّ للشيطان فيها ، وذلك بأن يعملوا بالأحكام ؛ لأن التوكل الصحيح لا يكون مع خلطه بغيره. والخلاصة : أن الإيمان : عبارة عن صيرورة القلب عارفا بأن واجب الوجود لذاته واحد ، وأن ما سواه محدث مخلوق تحت تدبيره وقهره وتصرفه. والإسلام : هو الانقياد للتّكاليف الصادرة عن الله تعالى ، وإظهار الخضوع وترك التّمرد.
فقالوا على الفور ممتثلين أمره لأنهم كانوا مؤمنين مخلصين : (عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا) وبه وحده استعنا على أعدائنا ، ثم دعوا ربّهم قائلين : (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي بأن تنصرهم علينا وتسلطهم علينا فيفتتن الناس ،