بإسحاق نبيا من الصالحين ، مباركا عليه وعلى إسحاق ، وجعل أكثر الأنبياء من نسلهما ، وأن من ذريتهما محسن فاعل للخير ، وظالم لنفسه بالمعاصي.
التفسير والبيان :
(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ : يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ، فَانْظُرْ ما ذا تَرى) أي فلما كبر إسماعيل وشبّ وبلغ الحد الذي يقدر فيه على السعي والعمل ، قال الفرّاء : «كان يومئذ ابن ثلاث عشرة سنة» قال إبراهيم لابنه المأمور بذبحه وهو ابنه إسماعيل ، فإنه ذكر البشارة بالغلام الحليم ، وذكر أنه الذبيح ، وقال بعد ذلك : (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) قال له : يا بني إني رأيت في المنام أني أذبحك ، فما رأيك؟ وقد أخبره بذلك ليستعد لتنفيذ أمر الله ، ويكتسب المثوبة بالانقياد لأمر الله ، وليعلم صبره لأمر الله ، وإلا فرؤيا الأنبياء وحي لازم الامتثال.
وأما ما ذكر في التوراة : «اذبح بكرك وحيدك إسحاق» فكلمة إسحاق من زياداتهم وتحريفهم لكتاب الله ، وإلا فإن «إسحاق» لم يكن بكر إبراهيم ، ولم يكن وحيده ، بل الذي كان كذلك هو إسماعيل. ثم لما بذل إبراهيم ابنه للذبح وأطاع ، أعطاه الله ولدا آخر هو إسحاق.
فأجابه إسماعيل معلنا الطاعة قائلا :
(قالَ : يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ ، سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) أي قال إسماعيل : امض لما أمرك الله من ذبحي ، وافعل ما أوحي إليك ، سأصبر على القضاء الإلهي ، وأحتسب ذلك عند الله عزوجل. وهذا مصداق وصفه السابق بالحلم ، ومصداق ما أخبر الله عنه بقوله : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ ، وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا. وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ، وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) [مريم ١٩ / ٥٤ ـ ٥٥].