وما ينتظر كفار مكة إلا صيحة القيامة ليزجّ بهم في عذاب النار التي إذا جاءت لا تؤخر أبدا ، أو لا تستأخر لحظة واحدة : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) [النحل ١٦ / ٦١].
ولكن اغتر الكفار بطول المهلة ، ولما سمعوا أن الله منع عذاب الاستئصال عنهم في الدنيا ، إكراما للنبيّ صلي الله عليه وآله وسلم : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) [الأنفال ٨ / ٣٣] وجعل عذابهم في الآخرة ، قالوا سخرية واستهزاء : ربنا عجل لنا نصيبنا من العذاب قبل يوم القيامة والحساب إن كان الأمر كما يقول محمد صلي الله عليه وآله وسلم. وهذا غاية الجهل والسفاهة والحمق.
ثم أمر الله نبيه صلي الله عليه وآله وسلم بالصبر على أذاهم وسفاهتهم لما استهزءوا به ، فما بعد الصبر إلا الفرج ، وسيكون النصر والظفر قريبا.
قصة داود عليهالسلام
(اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (١٩) وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ (٢٠) وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (٢١) إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ (٢٢) إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ (٢٣) قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ