١ ـ (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي مثلما جازيناك بالعفو عن الذبح ، والتخلص من الشدة والمحنة ، نجزي كل محسن على طاعته ، ونثيبه على فعله. وهو تعليل لما أنعم الله على إبراهيم وابنه من الفرج بعد الشدة والسلامة من المحنة.
ثم عظم الله تعالى شأن هذه المحنة في العادة ، فقال :
(إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) أي إن هذا الاختبار لهو الاختبار الصعب الواضح والمحنة التي لا محنة أصعب منها ، حيث اختبره الله في مدى طاعته بذبح ولده ، فصبر محتسبا الأجر عند ربه. وقيل : إن هذا لهو النعمة الظاهرة ، يقال : أبلاه الله إبلاء وبلاء : إذا أنعم عليه.
٢ ـ (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) أي جعلنا له فداء ولده بتقديم كبش عظيم الجثة سمين ، أو عظيم القدر. قال الحسن البصري : ما فدي إسماعيل إلا بتيس من الأروى (وعل) هبط عليه من ثبير ، فذبحه إبراهيم فداء عن ابنه. وهذا قول علي رضياللهعنه.
وفي هذا دليل على أن الأضحية بالغنم أفضل من الإبل والبقر. وهو مذهب المالكية ، لطيب اللحم.
٣ ـ (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ. سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ) أي أبقينا له في الأمم القادمة ثناء حسنا وذكرا جميلا ، فأحبّه أتباع الملل كلها ، اليهودية والنصرانية والإسلام ، وكذا أهل الشرك ، كما قال تعالى : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ).
سلام منا على إبراهيم ومن الملائكة والإنس والجن. وقيل : السلام : هو الثناء الجميل.
(كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي مثل هذا الجزاء نجزي جميع المحسنين بالفرج