الذين لا خير فيهم ، يريدون بهم فقراء المسلمين الذين يحتقرونهم ويسترذلونهم ويسخرون بهم. (أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا) استفهام إنكاري ، إنكار على أنفسهم وتأنيب لها في تسخيرهم في الدنيا ، أي الأجل أنا قد اتخذناهم مسخرين في أعمالنا ، ولم يكونوا كذلك ، لم يدخلوا النار؟ وقرئ بضم السين ، أي كنا نسخر بهم. (أَمْ زاغَتْ) مالت. (عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) أي أم هم معنا ، ولكن لم ترهم أعيننا ، وهم فقراء المسلمين كعمار وبلال وصهيب وسلمان.
(إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌ) ذلك الذي حكينا عنهم واجب وقوعه ، لا بد أن يتكلموا به ، ثم بيّن ما هو ، فقال : (تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) أي تنازعهم ومخاصمة بعضهم بعضا.
المناسبة :
بعد أن وصف الله تعالى ثواب المتقين ومآل السعداء ، وصف بعده عقاب الطاغين وحال الأشقياء المحرومين ، ليتم التقابل والمقارنة بين الفريقين ، ويقترن الوعد بالوعيد ، فيقبل على الطاعة ، ويجتنب المعصية ، ويتحقق الهدف المنشود وهو الإصلاح والتهذيب.
التفسير والبيان :
(هذا ، وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ) أي هذا المذكور هو جزاء المؤمنين ، أو الأمر هذا كما ذكر ، وإن للكافرين الخارجين عن طاعة الله عزوجل ، المكذبين لرسله ، لسوء منقلب ومرجع. ثم فسره بقوله عزوجل :
(جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ) أي إنهم يدخلون جهنم ويلفحهم حرها من كل جانب ، فبئس ما مهدوا لأنفسهم ، وهو الفراش ، أي بئس ما تحتهم من نار جهنم ، مشبها النار بالمهاد ، كقوله تعالى : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ ، وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) [الأعراف ٧ / ٤١].
(هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) أي هذا حميم فليذوقوه ، أو العذاب هذا فليذوقوه ، وهو أمرتهكم وسخرية بذوق العذاب ، وهو ماء حار شديد الحرارة