ومثل : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ ، وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [البقرة ٢ / ٢٧٢] ، ومثل: (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ ، وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) [الرّعد ١٣ / ٤٠].
وهذا كله تسلية من الله تعالى لرسوله ، ثم بيّن الله تعالى سبب إصرارهم على مذاهبهم الباطلة وهو طبع الإنسان ، فقال :
(وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ، فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ) أي وإننا إذا أعطينا الإنسان منا نعمة ، وغمرناه بالرّخاء كالصّحة والأمن وسعة الرّزق ، فرح بذلك ، وإن أصيب الناس بسيئة ، كجدب ونقمة ، وبلاء وشدّة ، ومرض أو فقر ، بسبب ما اقترف من المعاصي والذنوب ، فإن الإنسان جحود ما تقدّم من النّعم ، ينساها ولا يذكرها بسبب الضّر الواقع عليه ، ولا يعرف إلا الساعة الراهنة ، فإن أصابته نعمة بطر وأشر ، وإن أصابته محنة يئس وقنط. والكفور : المبالغ في كفران النّعم.
ويظهر أثر هذا في الواقع المتكرر من أكثر النّساء ، كما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم للنّساء فيما أخرجه مسلم وابن ماجه عن ابن عمر : «يا معشر النّساء ، تصدّقن ، فإني رأيتكنّ أكثر أهل النار ، فقالت امرأة : ولم يا رسول الله؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : لأنكنّ تكثرن الشكاية ، وتكفرن العشير ـ الزوج ـ ، لو أحسنت إلى إحداهنّ الدهر ، ثم تركت يوما قالت : ما رأيت منك خيرا قطّ».
أما المؤمن الصالح فشأنه كما قال صلىاللهعليهوسلم فيما أخرجه أحمد ومسلم عن صهيب : «إن أصابته سرّاء ، شكر ، فكان خيرا له ، وإن أصابته ضرّاء ، صبر ، فكان خيرا له ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن».
ثمّ حذّر تعالى من الاغترار بالدنيا ، وما ملكه الإنسان من المال والجاه ، فقال مبيّنا أن الكلّ ملك الله ونعم الله :