(فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً ، وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ) أي فدمرنا وأهلكنا قوما أشد قوة من هؤلاء القوم المكذبين لك يا محمد ، وقد سلف في القرآن ذكرهم أكثر من مرة وعرفت سنة الله فيهم ، وإذا علمتم ما آل إليه أمرهم بسبب تكذيب الرسل ، فاحذروا الوقوع في مثل مصائرهم.
فالمثل : سنتهم أو عقوبتهم كقوله تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ، فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ ، فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) [غافر ٤٠ / ٨٢].
أو المثل : عبرتهم ، أي جعلناهم عبرة لمن بعدهم من المكذبين أن يصيبهم ما أصابهم ، كقوله تعالى : (فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ) [الزخرف ٤٣ / ٥٦] وقوله سبحانه : (سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ) [غافر ٤٠ / ٨٥].
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى الأحكام والمبادئ التالية :
١ ـ القرآن الكريم أنزله الله بلسان العرب ، لأن كل نبي أنزل كتابه بلسان قومه ، وجميع ما في القرآن عربي مادة ومعنى ، لفظا ونظما ، فقد أقسم الله سبحانه بالقرآن أنه جعله عربيا ، وأنه جعله مبيّنا ، فهو المبيّن للذين أنزل إليهم ، لأنّه بلغتهم ولسانهم ، ولأنه الذي أبان طريق الهدى من طريق الضلالة ، وأبان فيه أحكامه وفرائضه.
٢ ـ ليس إنزال القرآن باللغة العربية دليلا على أنه خاص بالعرب دون العجم ، لأن نصوصه قاطعة الدلالة على عالمية الإسلام للناس كافة ، كما هو معروف في مواضع متقدمة ، لذا كان تفسير ابن زيد لقوله (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) : لعلكم تتفكرون هو الأولى ، لأنه على هذا التأويل يكون خطابا عاما للعرب