وهذا دليل الانتهازية وحب المصلحة أو المنفعة ، إذ يتعرف الإنسان على الله وقت الشدة ، وينساه حال الرخاء ، ويستغيث به عند النقمة ، ويتركه عند النعمة ، وهذا يشبه تماما حال المشركين ، وهو صنيع الكافرين والمترددين في الإسلام.
ونظير الآية قوله سبحانه : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ ، دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً ، فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ ، مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ ، كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [يونس ١٠ / ١٢] وقوله عزوجل : (فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ، ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ : إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ ، بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ ، وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) [الزّمر ٣٩ / ٤٩].
فقه الحياة أو الأحكام :
لقد وصف الله الإنسان بأوصاف تبين حقيقته وطبعه ، وهي :
١ ـ الطمع واليأس : فلا يمل الإنسان من طلب الخير والزيادة ، والخير هنا : المال والصحة والسلطان والعز ، وهذا دليل على حبه المال والدنيا والمادة ، وإذا أصيب بشرّ كالفقر والمرض ، يئس من روح الله ، وقنط من رحمته ، وهذا برهان على عدم الإيمان بالله والكفر به ، فاليأس والإيمان لا يجتمعان في قلب واحد.
٢ ـ فساد الاعتقاد والقول : إذا عادت النعمة والعزة لليائس القنوط ، أتى بالأباطيل الموقعة في الكفر والبعد عن الله ، وهي ثلاثة أنواع :
الأول ـ ادعاؤه أحقية النعمة ، وأنها أتته بجهده وعمله ، لا بفضل الله وإحسانه.
الثاني ـ إنكاره الساعة أي يوم القيامة والبعث والنشور.