وللآية شبيه تام هي قوله تعالى : (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ، ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ، يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ ...) الآية [النحل ١٦ / ٥٨ ـ ٥٩].
ثم أكد الله تعالى الإنكار ، فقال :
(أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ ، وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) أي أو يجعل للرحمن من الولد من صفته أنه يتربى في الزينة والنعمة ، وإذا احتاج إلى مخاصمة غيره لا يقدر على الجدال وإقامة الحجة؟ فلا بيان عنده ، ولا يأتي ببرهان يدفع ما يجادل به خصمه ، لنقصان عقله وضعف رأيه.
والآية دليل على رقة المرأة وغلبة عاطفتها عليها ، وميلها إلى التزين والنعومة ، وعلى أن التحلي بالذهب والحرير مباح للنساء ، وأنه حرام على الرجال ، لأنه تعالى جعل ذلك عنوانا على الضعف والنقصان ، وإنما زينة الرجل : الصبر على طاعة الله ، والتزين بزينة التقوى ، كما قال الرازي.
ومن مفتريات المشركين عدا ما ذكر من نسبة الإناث إلى الله : زعمهم أن الملائكة إناث ، كما قال تعالى :
(وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) أي حكموا بأن الملائكة إناث ، وهذا مترتب على قولهم السابق : الملائكة بنات الله.
فأنكر الله عليهم ورد مقالهم بقوله :
(أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ)؟ (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ ، وَيُسْئَلُونَ) أي هل حضروا وشاهدوا خلق الله إياهم حتى يشهدوا بأنهم إناث ، كما قال تعالى : (أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً ، وَهُمْ شاهِدُونَ)؟ [الصافات ٣٧ / ١٥٠] ستكتب شهادتهم بذلك في ديوان أعمالهم ، لنجازيهم على ذلك ، ويسألون عنها يوم القيامة ، فهي شهادة