وفي هذه الآية دلالة ـ كما تقدّم ـ على إباحة الحلي للنّساء ، وتحريمه على الرجال ، وهو حكم مجمع عليه ثابت بأخبار كثيرة.
٦ ـ أوضح الله تعالى كذب المشركين وجهلهم في نسبة الأولاد إلى الله سبحانه ، ثم في تحكمهم بأن الملائكة إناث ، وهم بنات الله ، وحكمهم من غير دليل بأنهم إناث ، فكيف تجرؤوا حتى حكموا بأنهم إناث ، ولم يحضروا حالة خلقهم؟!
إن شهادتهم الباطلة هذه مكتوبة عليهم في ديوان أعمالهم ، ويسألون عنها في الآخرة.
٧ ـ ومن شبه المشركين المفتراة احتجاجهم بالقدر الإلهي ، فقالوا على سبيل الاستهزاء والسخرية : لو شاء الرّحمن على زعمكم أيها المؤمنون ما عبدنا هذه الملائكة ، والله أمرنا بهذا أو رضي لنا ذلك ، ولهذا لم يعاجلنا بالعقوبة. وهذه كلمة حقّ أريد بها باطل ، فإن كل شيء بإرادة الله ، وعلمه نافذ لا محالة ، لكن الإرادة أو المشيئة لا تقتضي الأمر والرّضا وليس الأمر والإرادة متطابقين ، ولا نعلم مراد الله ، فكان علينا العمل بأمره ونهيه ، وليس لقولهم : الملائكة بنات الله أي دليل علمي ، وما هم إلّا يحدسون ويكذبون ، فلا عذر لهم في عبادة غير الله عزوجل. وقوله : (هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ) يفيد حصر العبودية في الملائكة ، وذلك يدلّ على الفضل والشّرف ، مما يوجب كونهم أفضل من غيرهم.
٨ ـ كذلك ليس لهم دليل نقلي على زعمهم ، ولا كتاب لديهم بما ادّعوه قبل هذا القرآن.
٩ ـ لا دليل للمشركين على شركهم إلا التّقليد الأعمى لآبائهم وأسلافهم ، وهم لما عجزوا عن الدّليل لم يجدوا بدّا من الاعتماد على تقليد الآباء ، قائلين بأنهم وحدوهم على تلك الملّة أو الطّريقة والمذهب ، فقلّدوهم واهتدوا بهديهم.