ويفسد المصالح ، ويعطّل المكاسب ، فيعجز الواحد من تسخير غيره لخدمة أو عمل ، مقابل أجر عادل.
١٠ ـ ليس التّفوق المادي في الدنيا دليلا على صلاح أصحابه ، إذ لا قيمة للدنيا وثرواتها في ميزان الله ، ولو لا كراهة أن يكفر الناس جميعا بسبب ميلهم إلى الدنيا وتركهم الآخرة لأعطاهم الله ما وصف من زخارف الدنيا ، لهوانها عند الله عزوجل. والخلاصة : ردّ الله تعالى على اقتراح العرب كون الرّسالة لأحد رجلين بوجوه ثلاثة : أولها ـ قوله على سبيل الإنكار : (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) أي النّبوة فيضعوها حيث شاؤوا ، وثانيها ـ قوله: (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) لأن الدنيا فانية ، ودين الله باق لا يزول. وثالثها ـ قوله : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) كما تقدّم تفسيرها (١).
١١ ـ استدلّ ابن العربي بقوله تعالى : (لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ) ، على أن السّقف لصاحب السّفل ، ولا حقّ فيه لصاحب العلو ، لأن الله تعالى جعل السّقوف للبيوت ، كما جعل الأبواب لها ، وهذا مذهب مالك رحمهالله تعالى.
أما السّفل فاختلفوا فيه ، فمنهم من قال : هو له ، ومنهم من قال : ليس له في باطن الأرض شيء ، والرّاجح ما بيّنه حديث الإسرائيلي الصحيح : أنّ رجلا باع من رجل دارا ، فبناها فوجد فيها جرّة من ذهب ، فجاء بها إلى البائع ، فقال : إنما اشتريت الدّار دون الجرّة ، وقال البائع : إنما بعت الدّار بما فيها ، وكلاهما تدافعها ، فقضى بينهم النّبي صلىاللهعليهوسلم أن يزوّج أحدهما ولده من بنت الآخر ، ويكون المال بينهما.
قال ابن العربي وتبعه القرطبي : والصّحيح أن العلو والسّفل له ، إلا أن
__________________
(١) غرائب القرآن للنّيسابوري : ٢٥ / ٤٩.