ونادى بمعنى قال ، فرفع صوته بينهم : يا قوم ، أليس لي ملك مصر ، لا ينازعني فيه أحد ، وأنهار النيل تجري من تحت قصري ، أفلا تبصرون عظمتي وقوتي وضعف موسى؟.
ثم صرح بحاله فقال : بل أنا خير من موسى المهين الحقير الضعيف ، والذي لا يكاد يفصح كلامه بسبب العقدة التي كانت في لسانه بحسب علمهم السابق عنه ، ومن لا بيان له ولا لسان كيف يكون نبيا؟! والرجل الفقير كيف يكون رسولا من عند الله إلى الملك الكبير الغني؟!
ثم تعاظم فرعون وتغطرس واعتز بالثروة والملك والمال ، فقال : هلا ألقي عليه أساور من ذهب ، جريا على عادة الوقت وزيّ أهل الشرف ، أو تأيد بجماعة من الملائكة يمشون معا متتابعين مقترنين إن كان صادقا يعاونونه على من خالفه؟ والمعنى : هلا ضم إليه الملائكة التي يزعم أنها عند ربه ، حتى يتعزّز بهم ويستعملهم في أمره ونهيه ، فيكون ذلك أهيب في القلوب.
فأوهم قومه أن رسل الله ينبغي أن يكونوا كرسل الملوك في المظاهر ، ولم يعلم أن رسول الله إنما أيّدوا بالجنود السماوية ، وكل إنسان عاقل يعلم أن حفظ الله موسى مع تفرده من فرعون مع كثرة أتباعه ، وإمداد موسى بالعصا واليد البيضاء ، كان أبلغ في التأييد من أن يكون له أسورة ذهب أو ملائكة أعوان وأدلة على صدقه.
٤ ـ ثم حكى الله علاقة فرعون بقومه ، فإنه استخف عقولهم واستجهلهم فأطاعوه لخفة أحلامهم وقلة عقولهم ، إنهم كانوا فسقة خارجين عن طاعة الله تعالى.
٥ ـ لما تجاوز فرعون وقومه الحدود القصوى ، وأسخطوا الله وأغضبوه ، عاجلهم بالانتقام الشديد ، وأغرقهم الله في أليم.