(إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ، ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ ، وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ، وَمَأْواكُمُ النَّارُ ، وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) [العنكبوت ٢٩ / ٢٥].
ثم وصف الله تعالى أنواع نعيم المتقين ، فقال :
(يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) أي يقال لهؤلاء المتقين المتحابين في الله : لا تخافوا من العقاب في الآخرة ، ولا تحزنوا على ما فاتكم من نعيم الدنيا ، فإن نعيم الآخرة هو الباقي ، والدنيا فانية.
روى الحافظ ابن عساكر عن أبي هريرة رضياللهعنه قال : قال : رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لو أن رجلين تحابا في الله ، أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب ، لجمع الله تعالى يوم القيامة بينهما ، يقول : هذا الذي أحببته فيّ».
وبعد أن نفى تعالى عنهم المخاوف والأحزان ، خصص ذلك بالمؤمنين المسلمين بقوله:
(الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ) أي إن القول المتقدم ليس لجميع الناس ، بل للمؤمنين بالقرآن ، المنقادين لأحكام الله ، المخلصين له العبادة والطاعة ، أي آمنت قلوبهم ، وانقادت جوارحهم لشرع الله ، قال المعتمر بن سليمان عن أبيه : إذا كان يوم القيامة ، فإن الناس حين يبعثون لا يبقى أحد منهم إلا فزع ، فينادي مناد : (يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) فيرجوها الناس كلهم ، فيتبعها : (الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ) فييأس الناس منها غير المؤمنين.
ثم بشرهم صراحة بالجنة قائلا :
(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ) أي يقال لهم : ادخلوا الجنة أنتم ونساؤكم المؤمنات تكرمون وتنعمون وتسعدون غاية الإكرام والسعادة.