٦ ـ نفى الله تعالى الولد إليه ، ثم نفى الشّركاء بقوله : (وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ ..) أي لا يملك عيسى وعزير والملائكة وغيرهم من الأصنام الشّفاعة إلا من شهد بالحقّ وآمن على علم وبصيرة ، وهم يعلمون حقيقة ما شهدوا به.
٧ ـ دلّ قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) على أمرين :
الأول ـ أنّ الشفاعة بالحقّ غير نافعة إلا مع العلم ، وأن التّقليد لا يغني مع عدم العلم بصحة المقالة.
الثاني ـ أن شرط سائر الشهادات في الحقوق وغيرها أن يكون الشاهد عالما بها ، كما روى البيهقي والحاكم وابن عدي عن ابن عباس ـ وهو ضعيف ـ عن النّبي صلىاللهعليهوسلم : «إذا رأيت مثل الشمس فاشهد ، وإلا فدع».
٨ ـ المشركون قوم متناقضون كما ثبت في أول السورة وآخرها ، فلما اعتقدوا أن خالق العالم وخالق الحيوانات هو الله تعالى ، فكيف أقدموا مع هذا الاعتقاد على عبادة أجسام خسيسة وأصنام جامدة لا تضرّ ولا تنفع؟ الواقع أنهم يكذبون على الله حين يقولون : إن الله أمرنا بعبادة الأصنام.
ودلّ قوله تعالى : (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) على أن إفكهم ليس منهم بل من غيرهم.
٩ ـ شكا النّبي صلىاللهعليهوسلم قومه إلى ربّه بأنّهم لا يؤمنون بالله وحده لا شريك له ، ولا برسالته ولا بالقرآن المنزل عليه. وهذه الشكوى صدرت منه صلىاللهعليهوسلم بعد أن ضجر منهم ، وعرف إصرارهم على الكفر. وهذا قريب مما حكى الله عن نوح أنه قال : (رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي ، وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً) [نوح ٧١ / ٢١].