(وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ) لا تتكبروا على الله بترك طاعته ، والاستهانة بوحيه ورسوله. (إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) أي ببرهان بيّن واضح على رسالتي ، وهو علة النهي. (وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ) أي التجأت إليه وتوكلت عليه أن ترجموني بالحجارة ، أو تؤذوني ضربا أو شتما ، أو تقتلوني. (وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي) تصدقوني. (فَاعْتَزِلُونِ) فكونوا بمعزل مني ، واتركوا أذاي ، ولا تتعرضوا لي بسوء ، فإن ذلك ليس جزاء من دعاكم إلى الفلاح.
(أَنَّ هؤُلاءِ) بأن هؤلاء. (مُجْرِمُونَ) مشركون ، وهو تعريض بسبب الدعاء عليهم. (فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً) أي فقال : أسر ببني إسرائيل ، أي سر بهم ليلا ، وقرئ بوصل الهمزة من (سرى). (إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) يتبعكم فرعون وجنوده. (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً) ساكنا منفرجا مفتوحا كما هو على هيئته بعد تجاوزه ، ولا تضربه بعصاك ، ولا تغير منه شيئا ، حتى يدخل فيه القبط شعب فرعون. (إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ) أي لأنهم غارقون.
(جَنَّاتٍ) بساتين. (وَعُيُونٍ) ينابيع جارية. (مَقامٍ كَرِيمٍ) مجالس ومنازل حسنة. (وَنَعْمَةٍ) من النعم ، أي تنعم وحسن ومتعة ونضرة ، والنّعمة : ما ينعم به على الإنسان ، من الإنعام. (فاكِهِينَ) متنعمين أصحاب فاكهة ، وقرئ «فكهين» أي أشرين بطرين مستهزئين. (كَذلِكَ) أي الأمر كذلك ، أو مثل ذلك الإخراج أخرجناهم منها. (وَأَوْرَثْناها) أي ورثنا أموالهم. (قَوْماً آخَرِينَ) بني إسرائيل.
(فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ) مجاز عن عدم الاكتراث بهلاكهم والاعتداد بوجودهم ، تقول العرب إذا مات رجل خطير في تعظيم مهلكه : بكت عليه السماء والأرض ، وبكته الريح ، وأظلمت له الشمس ، وفي حديث رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما من مؤمن مات في غربة غابت فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض» وقال جرير يرثي عمر بن عبد العزيز رحمهالله :
الشمس طالعة ليست بكاسفة |
|
تبكي عليك ، نجوم الليل والقمرا |
أي يا نجوم الليل والقمر.
وقالت الخارجية :
أيا شجر الخابور مالك مورقا |
|
كأنك لم تجزع على ابن طريف |
قال الزمخشري : وذلك على سبيل التمثيل والتخييل ، مبالغة في وجوب الجزع والبكاء عليه. والمراد لا أسف على فرعون وقومه ، بخلاف المؤمنين يبكي عليهم بموتهم مصلاهم من الأرض ، ومصعد عملهم من السماء. (مُنْظَرِينَ) ممهلين ومؤخرين التوبة إلى وقت آخر.
(مِنَ الْعَذابِ) من استعباد فرعون وقتله أبناءهم واستخدامه نساءهم. (مِنْ