وقومه مسوقة للدلالة على أنهم مثلهم في الإصرار على الضلالة ، والإنذار عن مثل ما حل بهم. (إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى) أي ما نهاية الأمر إلا الموتة الأولى المزيلة للحياة الدنيوية ، وليس هناك حياة أخرى. (بِمُنْشَرِينَ) بمبعوثين أحياء بعد الموتة الأولى ، يقال : نشر الله الموتى وأنشرهم : أحياهم (فَأْتُوا بِآبائِنا) خطاب لمن وعدهم بالنشور والبعث من الرسل والأنبياء. (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في وعدكم.
(أَهُمْ خَيْرٌ) في القوة والمنعة. (تُبَّعٍ) كل من ملك اليمن والشّحر وحضر موت ، وجمعه التبابعة وهم ملوك اليمن ، وهذا شبيه بفرعون لدى قدماء المصريين ، وهو كل من ملك مصر. ومن التبابعة : ذو القرنين أو إفريقش ويسمى الصعب ، وجاء بعده عمرو زوج بلقيس ، ثم أبو كرب ابنه ، ثم ذو نواس.
(وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الأمم كعاد وثمود. (أَهْلَكْناهُمْ) بكفرهم ، والمراد : ليس كفار قريش أقوى منهم ، وأهلكوا (لاعِبِينَ) لاهين عابثين. (ما خَلَقْناهُما) وما بينهما (إِلَّا بِالْحَقِ) أي محقين في ذلك ، ليستدل به على قدرتنا على البعث وغيره وعلى وحدانيتنا وغير ذلك. (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أي كفار مكة لا يعلمون ذلك ، لقلة نظرهم.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى قصة فرعون وقومه مع موسى عليهالسلام ليتعظ بها كفار قريش ، عاد إليهم بعد أن وصفهم أولا بأنهم في شك من البعث والقيامة ، وأنهم في إصرارهم على كفرهم مثل قوم فرعون الذين أهلكهم ونجّى بني إسرائيل ، وذكر هنا صراحة أنهم منكرون للبعث ، ثم رد عليهم بأن الله خالق السموات والأرض وما بينهما قادر على بعثهم ، ثم توعدهم بالهلاك ، كما أهلك قوم تبّع من قحطان ملوك اليمن ، الذين هم أقوى منهم.
وبه تبين أن الله هدد كفار مكة بمصير مشؤوم ، مثل مصير قوم فرعون وقوم تبّع.
التفسير والبيان :
(إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ : إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ) أي