[المؤمنون ٢٣ / ١٠١] وقوله عزوجل : (وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً ، يُبَصَّرُونَهُمْ) [المعارج ٧٠ / ١٠ ـ ١١] أي لا يسأل أخ له عن حاله ، وهو يراه عيانا ، وقوله جل وعلا : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) [البقرة ٢ / ٤٨].
(إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) أي لكن من رحمهالله فإنه ينتصر وينجو ، ولا يحتاج إلى ناصر غيره ، إن الله هو الغالب الذي لا يفلت أحد من أعدائه من عذابه ، (الرَّحِيمُ) : ذو الرحمة الواسعة بعباده المؤمنين ، وعلى هذا يكون الاستثناء منقطعا ، ويجوز أن يكون متصلا ، أي لا يغني قريب عن قريب إلا المؤمنين ، فإنه يؤذن لهم في شفاعة بعضهم لبعض.
وبعد إقامة الدليل على أن القيامة حق ، ووصف ذلك اليوم ، أردفه تعالى بوعيد الفجار الكفار الجاحدين لقاءه ، قائلا :
(إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ) أي إن الشجرة التي خلقها الله في جهنم وهي الشجرة الملعونة ، يكون ثمرها طعام أهل النار الكثيري الإثم ، قولا وفعلا ، فإذا جاعوا أكلوا منها ، ويدخل معهم أبو جهل. و (الْأَثِيمِ) : مبالغة الآثم.
(كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ، كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) أي وذلك الطعام يشبه دردي الزيت ، وعكر القطران ، والنحاس المذاب ، يغلي في بطون الكفار كغلي الماء الشديد الحرارة ، لحرارته ورداءته. شبه ما يصير في البطون منها بالمهل : وهو النحاس المذاب.
(خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) يقال للملائكة الذين هم خزنة النار : خذوا هذا الأثيم ، فادفعوه وجروه إلى وسط النار بعنف وغلظة.
(ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ) أي ثم صبوا على رأسه الماء الشديد الحرارة المتقدم الوصف ، كقوله عزوجل : (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ ، يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ) [الحج ٢٢ / ١٩ ـ ٢٠].