سادسا ـ أن كل فلك مختص بمهمة معينة ، فلا بد من مخصص فاعل مختار. الدليل الثاني والثالث من الأنفس ـ وهما خلق الإنسان والدواب بتركيب عضوي عجيب ، وخواص وطاقات مادية ومعنوية مذهلة ، يدلنا ذلك على أن هناك خالقا مبدعا لتلك الأنفس وهو الله تعالى.
الدليل الرابع والخامس والسادس من الظواهر الكونية ـ وهي تعاقب الليل والنهار بنحو دائم وتفاوتهما ، وإنزال الأمطار والثلوج لإحياء الأرض بالنبات وتغذية الينابيع والأنهار ، وتقليب الرياح وتغييرها ، كل ذلك دليل واضح على وجود الله القادر القاهر ، الحكيم الصنع ، البديع الخلق والإتقان.
٣ ـ هذه آيات الله ، أي حججه وبراهينه الدالة على وحدانيته وقدرته ، أنزلها الله في قرآنه بيانا متلوا إلى يوم القيامة ، مشتملا على الحق الذي لا ريب فيه ، والصدق الذي لا باطل ولا كذب فيه ، فإذا لم يؤمن الناس بها ، ولم يصدقوا بالقرآن وآياته البينات ، فلن يجدوا سواها طريقا للإيمان وتصحيح العقيدة.
ولقد قال الله تعالى في هذه الآيات عبارات ثلاثا أولها (يُؤْمِنُونَ) وثانيها (يُوقِنُونَ) وثالثها (يَعْقِلُونَ) والمقصود بها كما قال الرازي : إن كنتم من المؤمنين فافهموا هذه الدلائل ، وإن كنتم لستم من المؤمنين بل أنتم من طلاب الحق واليقين فافهموا هذه الدلائل ، وإن كنتم لستم من المؤمنين ولا من الموقنين ، فلا أقل من أن تكونوا من زمرة العاقلين ، فاجتهدوا في معرفة هذه الدلائل.
أو أن الآيات النفسية تحتاج إلى الإيقان ، لقربها من الإنسان ، وأما الآيات الخارجية الفلكية فيكفي فيها التصديق لبعدها عن الإنسان ، وأما العلوية فتحتاج إلى النظر والاستدلال.