والمقصود بالآية الدلالة على كمال قدرة الله ، ونفوذ تصرفه في جميع مخلوقاته.
(تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَ) أي تقارب السموات يتشققن من عظمة وجلال وهيبة من هو فوقها بالألوهية والقهر والقدرة ، وهذا هو الظاهر ، والأدق أن يقال : من الجهة الفوقانية التي هن فيها.
ويحتمل أن المراد : يتفطرن لكثرة ما عليهن من الملائكة ، كما في حديث أحمد والترمذي : «أطّت السماء ، وحقّ لها أن تئط ، ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك راكع أو ساجد». وقيل : إن المراد : كدن يتفطرن من قول المشركين : اتخذ الله ولدا ، كما في قوله تعالى : (وَقالُوا : اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً ، لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا)(١) ، (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ، وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ ، وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا ، أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً) [مريم ١٩ / ٨٨ ـ ٩١].
(وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) أي والملائكة يداومون على تنزيه الله عما لا يليق به ولا يجوز عليه ، قارنين التسبيح بالتحميد وشكر النعم التي لا تحصى ، كقوله تعالى : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ ، لا يَفْتُرُونَ) [الأنبياء ٢١ / ٢٠].
(وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ ، أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) أي ويطلبون المغفرة لعباد الله المؤمنين ، ثم أورد الله تعالى ما يكون طمعا في إيمان الكافر وتوبة الفاسق ، فذكر أنه سبحانه كثير المغفرة والرحمة ، وفيه إيماء إلى قبول استغفار الملائكة ، لضم الرحمة إلى المغفرة ، وإشارة إلى أن المغفرة المطلقة والرحمة المطلقة لله تعالى. قال بعض العلماء : هيّب وعظّم جل وعز في الابتداء ، وألطف وبشّر في الانتهاء (٢).
__________________
(١) إدّا : أي منكرا فظيعا.
(٢) تفسير القرطبي : ١٦ / ٥.