مِنْ سَبِيلٍ) [٩٢] فكما نفى الله السبيل عمن أحسن ، فكذلك أثبتها على من ظلم (١).
١١ ـ اختلف العلماء في فرض الحاكم الرسوم والضرائب والأموال على الناس ، هل يجوز الخلاص منها لمن قدر على ذلك ، مع أنه يستوفي جميع المطلوب من الآخرين؟ قال سحنون من المالكية : لا ، وقال أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي المالكي : نعم له ذلك إن قدر على الخلاص ، لأن الظلم لا أسوة فيه ، ولا يلزم أحد بظلم مخافة أن يضاعف الظلم على غيره ، والله سبحانه يقول : (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ).
١٢ ـ اختلف العلماء في التحليل (٢) والمسامحة عن العرض والمال ، فأجازه على العرض والمال سليمان بن يسار ومحمد بن سيرين من التابعين. ورأى مالك التحليل من المال دون العرض. ورأى سعيد بن المسيب : ألا يحلله بحال. وجه الرأي الأول : أنه حقه ، فله أن يسقطه كما يسقط دمه وعرضه. ووجه الرأي الثاني : أن التحليل في المال رفق ، وفي العرض يتجرأ الظلمة ويغترون ويسترسلون في أفعالهم القبيحة.
ووجه الرأي الثالث : أنه تحليل ما حرّم الله ، فيكون كالتبديل لحكم الله. والصحيح الجواز بدليل قصة أبي ضمضم الذي كان قد استحل عرضه ، أي سامح من يؤذيه ويشتمه ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : فيما روى مسلم في صحيحة : أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم؟
١٣ ـ إن ثواب المال المأخوذ ظلما لصاحبه طوال حياته وإلى موته ، ثم يرجع الثواب إلى ورثته ، لأن المال يصير لهم بالإرث.
__________________
(١) أحكام القرآن : ٤ / ١٦٥٨.
(٢) التحليل هنا : أن يجعل من ظلمه في حلّ.