وعاينوا العذاب ، يتمنون الرجوع إلى الدنيا من أي طريق ، قائلين : هل من سبيل إلى الرجعة؟
ونظير الآية قوله : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ ، فَقالُوا : يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا ، وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ ، وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ ، وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) [الأنعام ٦ / ٢٧ ـ ٢٨].
٢ ـ (وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ ، يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) أي وتبصرهم أيضا يعرضون على النار ، وهم خائفون أذلاء ، يسارقون النظر إليها من شدة الخوف. وهذا شأن الرهبة من العقاب.
٣ ـ (وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا : إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي ويقول المؤمنون يوم القيامة إذا رأوهم على تلك الصفة : إن الخاسرين الخسار الأكبر ، هم الذين خسروا أنفسهم وأهليهم ، بدخول النار والخلود فيها ، وعلى هذا التأويل يكون (يَوْمَ الْقِيامَةِ) متعلقا ب (قالَ) ويصح أن يتعلق ب (خَسِرُوا) ويكون قول المؤمنين واقعا في الدنيا ، والظاهر : الأول.
أما خسرانهم لأنفسهم ، فلكونهم صاروا معذبين في النار ، دون أمل في النّجارة ، وأما خسرانهم لأهليهم ، فإن كانوا معهم في النار ، فلا ينتفعون بهم ، ولأنهم كانوا هم السّبب في تعذيبهم ، وإن كانوا في الجنة فقد فرّق بينهم وبيتهم.
٤ ـ (أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ) أي ألا إن الكافرين في عذاب دائم لا ينتهي ، ولا يخرجون منه ، ولا محيد لهم عنه ، وهذا تتمة كلام المؤمنين أو تصديق من الله لهم فهو من كلامه.
٥ ـ (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) أي وليس لهم أعوان وأنصار من غير الله ، ينقذونهم مما هم فيه من العذاب.